فلم يُرِه أنه يكذّبه مخافة أن يجحد الحديث إِن دعا قومه إِليه، قال: أرأيت إِن دعوتُ قومك تحدّثهم ما حدّثتني؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "نعم" فقال: هيا معشر بني كعب بن لؤي، حتى قال: فانتفضَتْ إِليه المجالس، وجاؤوا حتى جلسوا إِليهما، قال: حدِّث قومك بما حدثتني!
فقال: رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إِنّي أُسريَ بي الليلة" قالوا: إِلى أين؟ قال:"إِلى بيت المقدس" قالوا: ثم أصبحت بين ظهرانينا؟! قال:"نعم"، قال: فمن بين مُصَفِّقٍ، ومن بين واضعٍ يده على رأسه، مُتَعَجِّباً للكذب زَعَم!! قالوا: وهل تستطيع أن تنعت لنا المسجد، وفي القوم من قد سافر إِلى ذلك البلد، ورأى المسجد، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "فذهبت أنعتُ، فما زلت أنعتُ حتى التبس عليَّ بعض النّعت" قال: "فجيء بالمسجد وأنا أنظر، حتى وُضع دون دار عِقال -أو عقيل- فنعتّه وأنا أنظر إِليه" قال: "وكان مع هذا نعتٌ لم أحفظه" قال: فقال القوم: أمّا النعت فوالله لقد أصاب! (١)
وفي رواية للشيخين وغيرهما عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:
(١) أحمد: ١: ٣٠٩، والبزار: ٥٦ كشف الأستار، وابن أبي شيبة: ١١: ٤٦١ - ٤٦٢، والنسائي: الكبرى (١١٢٨٥)، والطبراني (١٢٧٨٢)، والبيهقي: الدلائل: ٢: ٣٦٣ - ٣٦٤، وأورده السيوطي: الدر المنثور: ٥: ٢٢٢، وزاد نسبته إلى ابن مردويه وأبي نعيم: الدلائل، والضياء: المختارة، وابن عساكر، وصحح إسناده.