للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في المدح، فلمّا لم يقع ذكر المعراج في هذا الموضع مع كون شأنه أعجب، وأمره أغرب بكثير من الإسراء، دلّ على أنه كان مناماً، وأما الإسراء فلو كان مناماً لما كذّبوه ولا استنكروه!

وأجيب كما ذكر ابن المنير بأن حكمة التخصيص بالمسجد الأقصى سؤال قريش له على سبيل الامتحان، على ما شاهدوه وعرفوه من صفة بيت المقدس، وقد علموا أنه لم يسافر إليه، فيجيبهم بما عاين -كما سبق- ويوافق ما يعلمونه، فتقوم الحجة، وكذلك وقع!

ولهذا لم يسألوه عما رأى في السماء، ولا عهد لهم بذلك!

وفي الشامي: وأجاب الأئمّة عن ذلك بأنه استدرجهم إلى الإيمان بذكر الإسراء، فلمّا ظهرت أمارات صدقه، ووضحت لهم براهين رسالته، واستأنسوا بتلك الآية، أخبرهم بما هو أعظم منها، وهو المعراج، فحدّثهم به، وأنزله الله في سورة النجم!

قال ابن حجر (١): ويؤيد وقوع المعراج عقب الإسراء في ليلة واحدة رواية ثابت عن أنس عند مسلم -الحديث الأول الذي سبق- ففي أوّله: "أتيت بالبُراق .. " إلى أن قال: "ثم عرج بنا ... ".

قال ابن القيم (٢): وكان الإسراء مرّة واحدة، وقيل: مرّتين (٣): مرّة يقظة، ومرّة مناماً، وأرباب هذا القول كأنهم أرادوا أن يجمعوا بين حديث شريك -الآتي- وقوله: (ثم استيقظت) وبين سائر الروايات!


(١) فتح البارى: ٧: ١٩٨، وفي شرح المواهب: (وقوع الإسراء عقب المعراج)، وهو خطأ ظاهر.
(٢) زاد المعاد: ٣: ٤٢.
(٣) انظر: الآية الكبرى: ١٠٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>