للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورأى من آيات ربّه في ملكوته من عجائب الكون التي أوتيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في صور من عالم الغيب، تتضاءل أمام جلالها وعظمتها كل صور المشاهد الأرضيّة! (١)

وهذه الآيات لعجائب الملكوت هي في الحقيقة موطن الحفاوة بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، ليمسح الله بها كل أثر لقيه - صلى الله عليه وسلم - من آثار الفجور الوثنيّ، وطغيان الشرك، وعتوّ العناد، وبأو الاستكبار، والبغي في معاملة هؤلاء الفجرة له - صلى الله عليه وسلم - ولأصحابه، ليزداد - صلى الله عليه وسلم - علماً بأن رسالته في عمومها الأشمل، وخلودها المؤبّد، رسالة كفاح صبور أبديّ مستمر، ما قامت الحياة على ظهر هذه الأرض، وأنها دعوة نضال لا يعرف التوقّف والمهادنة؛ لأنها دعوة تستهدف إخراج الإنسانيّة من ظلمات الظلم والجهل إلى نور العدل والعلم، وتطهير هذه الإنسانيّة من أوضار الشرك، ورجس الوثنيّات، في صورها كافة وأشكالها، مهما ألبست من لبوس العلم الزائف والمعرفة المتهافتة -كما عرفنا في دعوى وحدة الوجود- وإنقاذ الحياة من ظلم الطغيان الممثل في جبروت المستعبدين للبشريّة في صورة زعماء وحكام وأباطرة، وثراء في المال، يسخّرونهم لقضاء شهواتهم الفاجرة، ويعملون على سرمدة الجهل فيهم، لتدوم لهم طاعتهم وتسخيرهم عبيداً لا يعرفون طعم الحريّة في حياتهم، حتى يعلم الناس كل الناس في مشارق الأرض ومغاربها أن التأسّي بالنبيّ - صلى الله عليه وسلم - يتمثّل في إقامة منهجه في رسالته علماً وعملاً، وصبراً وجهاداً!


(١) محمَّد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ٢: ٣٦١ وما بعدها بتصرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>