نعم)، ومن هنا كان هذا التأويل أولى، حتى يمكن الجمع، ومع هذا يمكن أن يكون الملائكة الذين أتوا النبي -صلى الله عليه وسلم- قبل أن يوحى إليه، أتوه ليلة أخرى، كما جاء في الحديث أيضًا (حتى أتوه ليلة أخرى)، ولم يعيّن المدّة التي بين الحديثين -كما يقول ابن حجر- (١) فيحمل على أن المجيء الثاني كان بعد أن أوحي إليه، وحينئذ وقع الإسراء والمعراج!
وإذا كان بين المجيئين مدّة فلا فرق في ذلك بين أن تكون تلك المدة ليلة واحدة أو ليالي كثيرة أو عدة سنين، وبهذا يرتفع الإشكال عن رواية شريك، ويحصل به الوفاق، أن الإسراء كان في اليقظة، بعد البعثة، وقبل الهجرة، ويسقط تشنيع الخطَّابي وابن حزم وغيرهما بأن شريكًا خالف الإجماع في دعواه أن المعراج كان قبل البعثه!
وأما ما ذكره بعض الشرّاح: أنه كان بين الليلتين اللتين أتاه فيهما الملائكة سبع، وقيل: ثمان، وقيل: تسع، وقيل: عشر. وقيل: ثلاث عشرة، فيحمل على إرادة السنين، لا كما فهمه الشارح المذكور أنها ليال، وبذلك جزم ابن القيمّ في هذا الحديث نفسه!
قلت: وبهذا يتبيّن أن شريكًا قبله كثير من أئمة الجرح والتعديل وأن هذا الحديث رواه عنه ثقة، وأنه لم يتفرّد به، ولا إشكال في الجمع بين قوله:(قبل أن يوحى إليه) وقوله: (وقد بعث؟ قال: نعم)!
وأجاب بعضهم عن قوله:(قبل أن يوحى إليه) بأن القبليّة هنا في