للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: سبق الردّ على قوله (قبل الوحي)، وتدفعنا ضرورة البحث إلى أن شريكًا لم ينفرد بتلك الرواية، وأن لفظ (نائم) يطلق على حال النبي -صلى الله عليه وسلم- أوّل وصول الملك إليه، كما سيأتي من قول عياض!

أمّا عن عدم انفراد شريك بالرواية، فقد سبق ذكر رواية الشيخين وغيرهما عن قتادة، عن أنس بن مالك، عن مالك بن صعصعة رضي الله عنهما قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-:

"بينا أنا عند البيت بين النائم واليقظان .. " الحديث، وتعدّدت الروايات في ذلك!

وأمّا عن حال النبي -صلى الله عليه وسلم- في هذا المقام، فقد قال عياض: وأما قولهم إنه قد سمّاها في الحديث منامًا، وقوله في حديث آخر "بين النائم واليقظان"، وقوله: "واستيقظ" (١) فلا حجة فيه؛ إذ قد يحتمل أن وصول الملك إليه كان وهو نائم، أو أوّل حمله والإسراء به وهو نائم، وليس في الحديث أنه كان نائمًا في القضيّة كلها، إلا ما يدلّ عليه (واستيقظ وهو في مسجد الحرام)، وفي لفظ (استيقظت) بمعنى أصبحت، واستيقظ من نوم آخر بعد وصول بيته، ويدل على أن مسراه لم يكن طول ليله!

وقد يكون قوله: (واستيقظت وأنا في المسجد الحرام) لما كان غمره من عجائب ما طالع من ملكوت السماوات والأرض، وخامر باطنه من


(١) في الأصل: (ثم استيقظت) وما ذكرته هو نصّ حديث شريك الذي معنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>