للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال غيره: لعلّها من جهة أنه ليس في الأتباع من له أتباع أكثر من موسى، ولا من له كتاب أكبر ولا أجمع للأحكام من هذه الجهة، فناسب أن يتمنّى أن يكون له مثل ما أنعم به عليه، من غير أن يريد زواله عنه، وناسب أن يطلعه على ما وقع له، وينصحه فيما يتعلّق به، ويحتمل أن يكون موسى لما غلب عليه في الابتداء الأسف على نقص حظّ أمته بالنسبة لأمّة محمَّد، حتى تمنّى ما تمنّى أن يكون، استدرك ذلك ببذل النصيحة لهم، والشفقة عليهم، ليزيل ما عساه أن يتوهم عليه فيما وقع منه في الابتداء!

وذكر السهيلي: (١) أن الحكمة في ذلك أنه كان رأى في مناجاته صفة أمّة محمَّد - صلى الله عليه وسلم -، فدعا الله أن يجعله منهم، فكان إشفاقه عليهم كعناية من هو منهم .. !

قال ابن حجر: (٢) وقد وقع من موسى عليه السلام في هذه القصة من مراعاة جانب النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه أمسك عن جميع ما وقع له، حتى فارقه النبي -صلى الله عليه وسلم- أدبًا معه، وحسن عشرة، فلمّا فارقه بكى وقال ما قال!

تلك أضواء على ردود تلك الشبهات وفق قواعد التحديث رواية ودراية .. رجاء أن يعلم من يريد أن يعلم .. وبخاصة الذين يدرسون سيرة الرسول - صلى الله عليه وسلم - للتأسّي: أن المحدّثين كانوا ملهمين، تحقيقًا لمعجزة


(١) انظر: الروض الأنف: ٢: ١٦٢.
(٢) فتح الباري: ٧: ٢١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>