ومن ثم فالمنهج التبشيري الاستشراقي في البحث في السيرة النبويّة يسبّب تعطيل أحد عناصر الاستجابة، سواء كان ناشئاً عن الطبيعة الغربيّة ذاتها وملابسات حياتها البيئيّة والتاريخيّة، أم ناشئاً عن تعمد المؤرخ تعطيل هذا العنصر، استجابة لمنهج معيّن في الدراسة .. هذا المنهج غير صالح لتناول الحياة الإسلاميّة، ويتجلى عدم الصلاحية أوضح وأقوى في جانب الدراسات التي تتعلق بالرسالة والرسول - صلى الله عليه وسلم -!
وثمة سبب معيب في قيمة الدراسات التاريخية عند هؤلاء للحياة الإسلاميّة!
ذلك، أنه لا يخفى أن كل مرئي يختلف شكله باختلاف زاوية الرؤية، وكذلك الشأن في الأحداث والوقائع!
والأوروبيّ بطبيعة الحال ميّال إلى اعتبار أوروبّا هي محور العالم، فهي نقطة الرصد في نظره، ومن هذه الزاوية ينظر إلى الحياة والناس والأحداث!
وإذا كان بدهياً أن أوروبّا لم تكن هي محور العالم في كل عصور التاريخ, والأوروبيّ لا يملك اليوم أن يتخلّص من وهم وضعها الحاضر حين ينظر إلى الماضي .. أدركنا مدى انحراف الزاوية التي ينظر بها الأوروبيّ للحياة الإسلاميّة، وبخاصة السيرة النبويّة .. ومدى أخطاء الرؤية .. ومدى أخطاء التفسير والأحكام الناشئة من هذه الرؤية المعيّنة!
ذلك كله على افتراض النزاهة العلميّة المطلقة، وانتفاء الأسباب التي تؤثّر على هذه النزاهة!
فإذا نحن وضعنا في الحساب ما لا بدّ من وضعه، وما لا يمكن إغفاله من