نصر) كان سابقاً على (يحيى) عليه السلام في الزمن بأكثر من خمسة قرون، والذين كانت أورشليم تحت سيطرتهم في عهد (يحيى) عليه السلام هم الرومان وقد قتل بنو إسرائيل (زكريّا) و (يحيى) عليهما السلام في عهدهم كذلك!
وإذن فما ذكره المفسّرون من أن الله تعالى سلّط عليهم (بخت نصر) بعد إفسادهم بسبب قتلهم (يحيى) عليه السلام ينطبق على عهد الرومان؛ لأنه كان معاصراً لهم .. ولا ينطبق على عهد (بخت نصر)؛ لأنه قبل (يحيى) عليه السلام بأكثر من خمسة قرون كما ذكرنا!
ثالثاً: ضربات الرومان في ذاتها كانت أشدّ وأقسى على بني إسرائيل من ضربات (بخت نصر) لهم، فمثلاً عدد القتلى من اليهود على يد الرومان بقيادة (تيطس) بلغ مليون قتيل، وبلغ عدد الأسرى نحو مائة ألف أسير -كما يقول المؤرخون (١) - بينما عدد القتلى والأسرى على يد (بخت نصر) كان أقل من هذا العدد بكثير، ولقد وصف المؤرّخون النكبة التي أوقعها (تيطس) باليهود بأوصاف تفوق بكثير ما وصفوا به ما أوقعه بخت نصر بهم!
يقول أحد الكتّاب واصفاً ما حلّ على يد تيطس:
كان (تيطس) في الثلاثين من عمره، حينما وقف سنة ٧٠ م أمام أسوار أورشليم على رأس جيشه، وبدأت المدينة تعاني أهوال الحصار، وتقاسي في الوقت نفسه هولًا أكبر، هو هول الحرب الأهليّة، فقد احتلّ المتعصّبون والمتطرّفون ورجال العصابات من اليهود أحياء المدينة، وأخذوا يشنّون هجمات وحشيّة على أحيائها الأخرى، حتى جرت الدماء في الطرقات، وسرت المجاعة