وكان الاعتماد على نقطة ضعف أليمة، كانت تعاني منها مشاعر الأمة الإِسلاميّة عامة، بما فيها مصر وغيرها، وهي إحساس المسلمين بما انتابهم من الضعف والتخلف والشتات، إلى جانب ملاحظتهم للنهضة العجيبة التي نهضها الغرب في شتى المجالات الفكريّة والعلميّة والحضاريّة!
وقد كان المسلمون يتطلعون -ولا ريب- إلى اليوم الذي يتحرّرون فيه من الأثقال التي خلفتهم إلى الوراء، ليشتركوا مع الآخرين في رحلة الحضارة والمدنية والعلم الحديث!
من هذا السبيل تسلّل الهمس، بل الكيد الاستعماري إلى صدور بعض من قادة الفكر، ولقد كان مؤدى هذا الهمس أن الغرب لم يتحرر من أغلاله، إلا يوم أخضع الدّين لمقاييس العلم! فالدّين شيء، والعلم شيء آخر، ولا يتم التوفيق بينهما إلا بإخضاع الأول للثاني! وإذا كان العالم الإسلامي حريصاً حقًّا على مثل هذا التحرر فلا مناص له من أن يسلك الطريق ذاته، وأن يفهم الإسلام هنا كما فهم الغرب النصرانية هناك، ولا يتحقق ذلك إلا بتخلص الفكر الإسلامي من سائر الغيبيّات التي لا تفهم، ولا تخضع لمقاييس العلم الحديث!
وسرعان ما خضع لهذا الهمس أولئك الذين انبهرت أبصارهم بمظاهر النهضة الأوروبيّة الحديثة، ممن لم تترسّخ حقائق الإيمان بالله في قلوبهم، ولا تجلت حقائق العلم الحديث وضوابطه في عقولهم، فتنادوا فيما بينهم إلى التحرّر من كل عقيدة غيبيّة لم تصل إليها اكتشافات العلم الحديث، ولم تدخل تحت سلطان التجربة والمشاهدة الإنسانيّة!
فكان أن قاموا بما عرف بعد باسم الإصلاح المديني، واقتضى منهم ذلك أموراً عديدة، منها تطوير كتابة السيرة وفهمها، واعتماد منهج جديد في