من دعوات المتبتّلين، وبكاء المصلّين، وهبوك قلوبهم يا ربّ!، وفازوا بأجر العاملين، وأصبحت الأرض بعدهم خالية، والديار خاوية، فكأنهم ما سلموا حين قدموا، أو كأنهم ما أقاموا بعد أن سلموا!
مَن لي بنور محمَّد ليكون مصباحي، حين أنقّب عن حفلهم المذاهب، ونورهم الغارب .. لا لا .. إنّي لن أصغي إلى أنّات قلبي المحزون، فما زال من الدنيا سحر ليلى ولا غرام قيس، وما برحت صحراء نجد مرتعاً للمها والغزال، ومبعثاً للهوى والدّلال، ولن يزول جمالها حتى تزول الجبال!
إن جمال أمة محمَّد لا يزال يجتذب قلوب الكون بإشراقه الساطع فأنقذنا من ظلمة هذا اليأس الميت!
ما زال في قلوبنا وفاء الصّدّيق، وعدل الفاروق، وفي كل قلب للقرآن مصحف عثمان، ولا زالت قلوبنا عامرة بتقوى عليّ، وسلمان، وصوت بلال في الأذان، لم نفقد الإيمان القويم، ولا قياس طرق التسليم!
أيقظنا يا رب! بصلصلة الجرس الأوّل، وأحينا بقانون الوفاء!
لقد أكملت الدين على قمّة فاران، وأنرت قلوب العاشقين بجذوة الإيمان, فأحرق متاع حب دنيانا بذلك الشرر من وميض محبتك!
لقد طرب أعداؤنا بين الجداول، وسكروا بالأنغام في ظل الخمائل، وهم في الأوطان، ونحن خارج البستان، فأرسل فراشك مرة أخرى يطف حول نار حبّك، ومر البرق القديم بإحراق القلوب الجامدة!
ربّ! اهد القلوب إلى قبلة الحجاز، وأعطها جناحاً من الإيمان لتعرف قوة الطيران!