هذا الشباب يستطيع لو شاء في عهد جديد أن يجدِّد قوّة الإيمان, وأن يحمل شعلة الهداية يوقدها من تعاليم خاتم الأنبياء والرسل، فتنشر في الربوع إيمان إبراهيم .. فالنار قد تحرق، وقد تنضج أيها الشاكي الولهان .. لا تحزن من رؤيةَ البستان، وقد فقد زاهي الألوان، فسرعان ما تلمع الأزهار من كواكب البراعم، ويتلألأ دم الشهداء على شفاه الورود .. ألا ترى السماء بلونها العنابي، أليس هذا لمعان الأفق يستقبل اليوم الجديد، ويستبشر بالشمس الطالعة!
انظر إلى الأرض .. هلا ترى قوماً يلتقطون الثمار، وآخرين في البوار!
ألا ترى مئات النخيل خاوية الأشجار، بينما مئات أخرى في باطن الأرض، في طريقها إلى ربيع الحياة، فلو سقيناها من تعاليم الملة السمحة لأينعت ونمت، فنخيل الإِسلام أنموذج للإثمار والنماء!
واستطرد إقبال يبيّن أن المسلم لا وطن له ولا مكان، ولن يفنى مسلم بفناء الأزمنة والأوطان، إذ لا علاقة بين الكأس وسكر الشراب، ولقد تعرّضت الأوطان الإِسلاميَّة لهجمات التتار، وما حدث من غوغاء إثر حملات البلقان، وكان كل ذلك امتحاناً لذاتية المسلم، فما ارتاع، ولكن بقي الإِسلام والمسلم في كل البقاع!
فلماذا إذن يرتاع مسلم اليوم من صهيل خيل الأعداء، ولن يطفئ ذلك نور الحق الوضاء!
فهيّا أظهر حقيقتك للأقوام والشعوب، فمحافل الأكوان في حاجة إليك ترنو إلى حرارة أنفاسك، ومضاء عزمك .. فلتتدفق دماؤك بالحرارة ليحيا الدهر في حماية دينك!