الطبري، لكنه يحيطها بالريبة؛ إذ لم يذكرها في هذه السنة من حياة محمد، ثم يعود فيذكر أنها وقعت قبيل البعث وسنه أربعون سنة!
وقال: لا يطمئن المستشرقون، ولا يطمئن جماعة من المسلمين كذلك إلى قصة الملكين هذه، ويرونها ضعيفة السند، فالذي رأى الرجلين في رواية كتاب السيرة إنما هو طفل لا يزيد على سنتين إلا قليلاً، وكذلك كانت سن محمد يومئذ، والروايات تجتمع على أن محمداً أقام ببني سعد إلى الخامسة من عمره، فلو كان هذا الحادث قد وقع وسنّه سنتان ونصف السنة، ورجعت حليمة وزوجها إذ ذاك إلى أمه، لكان في الروايتين تناقض غير مقبول!
ولذلك يرى بعض الكتاب أنه عاد مع حليمة مرة ثالثة، ولا يرضى المستشرق (سير وليم موير) أن يشير إلى قصة الرجلين في ثيابهما البيضاء، ويذكر أنه إن كانت حليمة وزوجها قد نَبها لشيء أصاب الطفل فلعله نوبة عصبية أصابته، ولم يكن لها أن تؤذي صحته لحسن تكوينه، ولعل آخرين يقولون: إنه لم يكن في حاجة إلى من يشق بطنه أو صدره، ما دام الله قد أعده يوم خلقه لتلقي رسالته!
ويرى (درمنجمِ) أن هذه القصة لا تستند إلى شيء، غير ما يفهم من ظاهر الآيات: {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ (١) وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ (٢) الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ (٣)} [الشرح]!
وأن ما يشير القرآن إليه إنما هو عمل روحي بحت، الغاية منه تطهير هذا القلب وتنظيفه، ليتلقى الرسالة القدسيّة خالصاً، ويؤدّيها مخلصاً تمام الإخلاص، محتملاً عبء الرسالة المضني!
وإنما يدعو المستشرقين ويدعو المفكّرين من المسلمين إلى هذا الموقف من