للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"مررت ليلة أسري بي على قوم تقرض شفاههم بمقاريض من نار، قال: قلت: من هؤلاء؟ قال خطباء من أهل الدنيا، كانوا يأمرون الناس بالمعروف وينسون أنفسهم، وهم يتلون الكتاب .. أفلا يعقلون؟ "

وفي رواية: "من هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء خطباء من أمتك"! (١)

هذا مشهد ثانٍ!

ويأتي مشهد ثالث بسند صحيح عن أنس -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لمّا عرج بي ربِّي عَزَّ وَجَلَّ مررت بقوم لهم أظفار من نحاس، يخمشون وجوههم وصدورهم، فقلت: من هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم"! (٢)

تلك المشاهد تحذّر الإنسان وتنذره أن يقول غير الحق، وهي ترهب النفس في صور ترتجف لها فرقاً، ويقشعرّ الوجدان رعباً، سواء في صورة هؤلاء الذين يأكلون الجيف، وهؤلاء الذين تقرض شفاههم بمقاريض من نار، وهؤلاء الذين يخمشون وجوههم وصدورهم بأظفار من نحاس!

يا للهول!

إن الخيال الشاخص يقف عاجزاً عن أن يتصوّر مآل هؤلاء الذين يقولون غير الحق! في آية صورة من صوره!


(١) أحمد: ٣: ١٢٠، ٢٣١، ٢٣٩، والفتح الرباني: ٢٠، ٢٥٧.
(٢) أحمد: ٣: ٢٢٤، والفتح الرباني: ٢٠: ٢٥٧، وأورده ابن كثير، وعزاه لأحمد، ثم قال: وأخرجه أبو داود من حديث صفوان بن عمرويه من وجه آخر ليس فيه أنس، وانظر: عون المعبود: ٢٢٣: ١٣ - ٢٢٤ (٤٨٥٧ - ٤٨٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>