وركّزوا على تمكين غيبوبة الضمير، والعقل والوعي، عن واقع المسير، في الضباب الكثيف، وما يجر إليه من سوء المصير!
وهذا الواقع أقوى من إنكار المنكرين، وجحود الجاحدين!
ولن يفقد الحقيقة هويّتها أن يكفر بها معاند ماكر، أو يتسلّط عليها مخادع جائر!
وعلينا أن نفقه عطاء سيرة الرسول - صلى الله عليه وسلم - بين الماضي والحاضر!
ونرى كيف ظهرت (خير أمة أخرجت للناس) في ثلاث وعشرين سنة، كانت متفرّقة متشاكسة، فأصبحت متحدة متآلفة!
كانت الأمم تنظر إليها بعين الازدراء، فأصبحت معزّزة الجانب، تفتح البلاد، وتضرب على أعدائها بسلطانها الكريم!
كانت في ظلمات من الجهل، فأصبحت في نور من العلم، دون أن يُجلب إليها من بلاد أجنبيّة، وإنما هو ذلك الرسول - صلى الله عليه وسلم - بما يُلقي إليها من الحكمة بنفسه، ويزكّيها بما يتحلّى به، ويما يدعوها إلى خصال الشرف والحمد!
نرى الرسول - صلى الله عليه وسلم - أقام بين يدي هذه الأمة شريعة تقرّر حقوق الأفراد والجماعات، وتشتمل بتفاصيلها وأصولها على كل ما يُحتاج إليه في فصل القضايا من أحكام، هي مظهر العدل والمساواة، ولم يعقد لهذه الشريعة لجنة تتألف من أشخاص درسوا قوانين بعض الأمم .. ونراه يملي أحكام الوقائع مدنيّة كانت أو جنائيّة .. في الحضر والسفر، في يوم السلم، أو في مواطن القتال!