للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسالة في الدنيا ولا بذات طور من أطوار التاريخ, فليس لها عمل باق في سجل الأعمال الباقيات!

كان عالماً يتطلع إلى غير حاله، يتهيّأ للتبديل أو الهدم، ثم للبناء!

كان القرن السادس المسيحي من أحط أدوار التاريخ, ومن أشدها ظلاماً ويأساً، من مستقبل الإنسانيّة وصلاحيتها للبقاء والازدهار!

وقد أحسن المؤلف الإنجليزي (هـ. ج. ولس H.G. Wells) تصوير هذا العصر فقال وهو يبحث الظروف السائدة في عهد الحكومتين: الساسانيّة، والبيزنطيّة، في القرن السادس للميلاد:

(كانت العلوم والفلسفة والسياسة في حالة احتضار في عهد هذين النظامين المتحاربين، والمتجهين إلى الانحطاط، فقد كان الجيل الأخير من فلاسفة أثينا عاضاً على المؤلفات الأدبيّة العتيقة بالنواجذ، بكل احترام وحب، ولو بدون فهم لها، فلما انقرض هذا الجيل، لم تبق طبقة ولا أفراد أحرار شجعان، يتزعمون حريّة الفكر، وحريّة التعبير، ولا الذي يحتفظون -على الأقل -بتراث فكر حر، وبحث نزيه جدي، على دأب القدماء والسابقين لهم، وبجانب ما كان للفوضى السياسيّة والاجتماعيّة من دور كبير على مثل هذه الطبقة، كان من العوامل التي ساعدت على شلل الفكر الإنساني، وتجمد القرائح البشريّة، أن هذا العصر كان عصر العصبية وعدم التسامح في ظلام الحكومتين: الإيرانيّة، والبيزنطيّة، فقد كانت هاتان الحكومتان دينيتين نوعاً ما، وكانتا قد فرضتا قيوداً على العقل البشري)!

وبعدما قص الكاتب قصة زحف الإمبراطوريّة الإيرانيّة على الإمبراطوريّة البيزنطيّة، ثم انتصار البيزنطيّين على الإيرانيّين، في شيء من التوسع، عاد

<<  <  ج: ص:  >  >>