وكان من إخوة بني إسرائيل؛ لأنه من بني إسماعيل، وأنزل عليه الكتاب، وكان أميًّا جعل كلام الله في فمه، وكان ينطق بالوحي، كما قال الله تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (٣) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (٤)} [النجم]!
وكان مأموراً بالجهاد، وقد انتقم الله لأجله من صناديد قريش، والأكاسرة والقياصرة وغيرهم، وظهر قبل نزول المسيح من السماء، وكان للسماء أن تقبل المسيح - عليه السلام - إلى ظهوره، ليرد كل شيء إلى أصله، ويمحق الشرك والتثليث وعبادة الأوثان .. ثم قال:
الوجه الثامن: أنه صرح في هذه البشارة بأن النبي الذي ينسب إلى الله ما لم يأمره يقتل، فلو لم يكن محمد - صلى الله عليه وسلم - نبياً حقًّا لكان قتل، وقد قال الله في القرآن المجيد أيضاً: {وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ (٤٤) لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (٤٥) ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ (٤٦)} [الحاقة]!
وأوفى وعده ولم يقدر على قتله أحد، حتى لقي - صلى الله عليه وسلم - الرفيق الأعلى، وعيسى - عليه السلام - قتل وصلب على زعم أهل الكتاب، فلو كانت هذه البشارة في حقه لزم أن يكون نبيًّا كاذباً كما يزعمه اليهود. والعياذ بالله!
الوجه التاسع: أن الله بيّن علامة النبي الكاذب، وهي أن إخباره عن الغيب المستقبل لا يخرج صادقاً، ومحمد - صلى الله عليه وسلم - أخبر عن الأمور الكثيرة المستقبلة كما علمت في المسلك الأول، وظهر صدقه فيها (١)، فيكون نبيًّا صادقاً لا كاذباً!
(١) ظهر صدق بعضها في زمنه كانتصاره على المشركين، ودخوله المسجد الحرام مع المؤمنين =