لقد أخذ الله -عَزَّ وَجَلَّ- موثقاً رهيباً جليلاً على كل رسول (١)، أنه مهما آتاه من كتاب وحكمة، ثم جاء رسول مصدق لما معه، أن يؤمن به وينصره، ويتبع دينه، وجعل هذا عهداً بينه وبين كل رسول!
والتعبير القرآني يطوي الأزمنة المتتابعة بين الرسل، ويجمعهم كلهم في مشهد، والله الجليل الكبير يخاطبهم جملة: هل أقروا هذا الميثاق، وأخذوا عليه عهد الله؟:
هذا المشهد الهائل الجليل، يرسمه التعبير القرآني، فيهتز له الجَنان في الإنسان، وهو يتمثل المشهد .. ومن ثم يبدو هذا الموكب الكريم متصلاً متسانداً، مستسلماً للتوجيه العلوي، ممثلاً للحقيقة الواحدة التي شاء الحق تبارك وتعالى أن تقوم عليها البشريّة، ولا تنحرف، ولا تتعدد، ولا تتعارض، ولا تتصادم، إنما يُصطفى لها المختار من عباد الله، ثم يسلمها إلى المختار بعده، ويسلم نفسه معها لأخيه اللاحق به، فما للنبي في نفسه من شيء، وما له في هذه المهمة من أَرب شخصي، ولا مسجد ذاتي، إنما هو عبد مُصطفَى، ومبلغ مختار، والحق -تبارك وتعالى- هو الذي ينقل خطأ هذه الدعوة بين أجيال البشر، ويقود هذا الموكب ويصرفه كيف يشاء!