بالخيانة، أو ينسب إليه الكذب في القول، أو إخلاف الوعد، أو إخفار الذمة، أو نقض العهد!
وإن من ادّعى النبوّة وقال: إن الله يوحي إليه، فكأنه ادّعى العصمة والبراءة من جميع المفاسد، ومساوئ الأعمال!
ألم يكن يكفي قريشاً في ردّهم على الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن يذكروا أمورًا عمل فيها الرسول - صلى الله عليه وسلم - بغير الحق، وأن يشهدوا عليه بأنه أخلفهم وعداً، أو خانهم في أموالهم، أو كذب في شيء مما قاله لهم؟!
إن قريشاً أنفقوا أموالهم، وبذلوا نفوسهم في عداوة الرسالة والرسول - صلى الله عليه وسلم -، وضحّوا بفلذات أكبادهم في قتاله، حتى قُتل وجُرح منهم كثيرون، لكنهم لم يستطيعوا أن يصموه بشيء في عظيم أخلاقه .. وكانت أحوال الرسول - صلى الله عليه وسلم - وشؤونه ظاهرة لجميع الناس، معلومة لهم، استوى في ذلك أحبابه وأعداؤه، ولم يَخْفَ عليهم شيء من أمره!
روى ابن جرير عن السدي (١):
(لمَّا كان يوم بدر، قال الأخنس بن شريق لبني زهرة: يا بني زهرة، إِن محمداً ابن أختكم، فأنتم أحق من كفّ عنه، فإِنه إِن كان نبيًّا لِمَ تقاتلونه اليوم؟ وإِن كان كاذباً كنتم أحقّ من كفّ عن ابن أخته، قِفوا هنا حتى ألْقى أبا الحكم، فإِن غَلَب محمد - صلى الله عليه وسلم - رجعتم سالمين، وإِن غُلِبَ فإِن قومكم لا يصنعون بكم شيئاً، فيومئذ سُمّي الأخنس، وكان اسمه أبي، فالتقى الأخنس وأبو جهل، فخلا الأخنس بأبي جهل، فقال: يا أبا الحكم، أخبرني