يروي البخاري عن عبد الله بن عُمر رضي الله عنهما: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لقيَ زيدَ بن عمرو بن نُفَيل بأسفل أبطح، قبل أن ينزل على النبي - صلى الله عليه وسلم - الوحي، فُقدِّمت إِلى النبي - صلى الله عليه وسلم - سُفْرَةٌ، فأبَى أن يأكل منها!
ثم قال زيد: إِني لست آكل مما تذبحون على أصنامكم، ولا آكل إِلا مما ذكر اسمُ الله عليه، وإِن زيد بن عمرو كان يَعيبُ على قريش ذبائحهم، ويقول: الشاة خلقها الله، وأنزل لها من السماء الماء، وأنبت لها من الأرض، ثم تذبحونها على غير اسم الله؟ إِنكاراً لذلك وإِعظاماً له!
قال موسى: حدثني سالم بن عبد الله -ولا أعلمه إلا تحدث به عن ابن عمر- أن زيد بن عمرو بن نفيل خرج إِلى الشام، يسأل عن الدِّين ويتّبِعُه، فلقيَ عالمِاً من اليهود، فسأله عن دينهم، فقال: إِنِّي لعلّي أن أدينَ دينكم، فأخبرني، فقال: لا تكونُ على ديننا، حتى تأخذَ بنصيبك من غضب الله! قال زيد: ما أفِرُّ إلا مِن غضب الله، ولا أحملُ من غضب الله شيئاً أبداً، وأنى أستطيعه؟ فهل تدلني على غيره؟ قال: ما أعلمه إِلا حنيفاً! قال زيد: وما الحنيف؟ قال: دينُ إِبراهيم، لم يكن يهوديًّا ولا نصرانيًّا، ولا يعبد إِلا الله! فخرج زيدٌ، فلقيَ عالماً من النصارى، فذكر مثله، فقال: لن تكون على ديننا، حتى تأخذ بنصيبك من لعنة الله! قال: ما أفِرُّ إِلا مِن لعنة الله، ولا أحملُ من لعنة الله ولا من غضبه شيئاً أبداً، وأنّي أستطيعه؟ فهل تدلني على غيره؟ قال: ما أعلمه إِلا أن يكون حنيفاً! قال: وما الحنيف؟ قال: دين إِبراهيم، لم يكن يهوديًّا ولا نصرانيًّا، ولا يعبد إِلا الله! فلما رأى زيد قولهم في إِبراهيم عليه السلام خرج، فلما برز رفع يديه فقال: اللهم! إِني أشهدك أني على دين إِبراهيم!