للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كل عام من أموالهم، يصنعون به طعاماً للناس أيام مني، فصاروا أئمة ديّانين، وقادة متبوعين، وصار أصحاب الفيل مثلاً في الغابرين .. ثم قال:

وكان شأن الفيل رادعاً لكل باغ، ودافعاً لكل طاغ، وقد عاصر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في زمن نبوّته وبعد هجرته جماعةٌ شاهدوا الفيل، وطير الأبابيل، منهم حكيم بن حزام، وحاطب بن عبد العزى، ونوفل بن معاوية؛ لأن كل واحد من هؤلاء عاش مائة وعشرين سنة، منها ستّين سنة في الجاهلية، وستين في الإسلام!

وقد ورد في كثير من الأحاديث الصحيحة ما يشير إلى نبأ الفيل .. منها ما رواه الشيخان وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: لما فتح الله على رسوله - صلى الله عليه وسلم - مكة، قام في الناس، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: "إِن الله حبس عن مكة الفيل .. " الحديث (١)!

ونقف أمام مفتتح سورة الفيل، ونقرأ: {أَلَمْ تَرَ} في مقام ألم تعلم، كما قال مجاهد وغيره (٢)، وقال الفراء: ألم تخبر عن الحبشة والفيل، وإنما قال ذلك؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - لم يدرك قصة أصحاب الفيل؛ لأنه ولد في تلك السنة!

وفي خطاب الرسول - صلى الله عليه وسلم - في مفتتح السورة بهذا الأسلوب التقريري التعجيبي (٣)، وانصباب الاستفهام على الرؤية، وهو - صلى الله عليه وسلم - لم يكن من شهود


(١) البخاري: ٤٥ - اللقطة (٢٤٣٤)، ومسلم: ١٥ - الحج ٤٤٧ (١٣٥٥)، وأحمد: ٢: ٢٣٨، وأبو داود (٤٥٠٥)، والترمذي (١٤٠٥، ٢٦٦٧)، والنسائي في الكبرى كما في التحفة: ١١: ٧١، وفي المجتبى: ٨: ٣٨، وابن ماجه (٢٦٢٤)، والبيهقي في السنن: ٥: ١٧٧، ٨: ٥٣، و"الدلائل": ٥: ٨٤، وابن حبان: الإحسان (٣٧١٥).
(٢) فتح الباري: ٨: ٦٠١.
(٣) محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ١: ٨٨ وما بعدها بتصرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>