للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرغبة الواضحة في رد الكثير من الخوارق إلى مألوف سنة الله دون الخارق منها، وإلى تأويل بعضها بحيث يلائم ما يسمونه (المعقول) وإلى الحذر والاحتراس الشديد في تقبل الغيبيّات!

ومع إدراكنا وتقديرنا للعوامل البيئيّة الدافعة لمثل هذا الاتجاه، فإننا نلاحظ عنصر المبالغة فيه، وإغفال الجانب الآخر للتصور القرآني الكامل، وهو طلاقة مشيئة الله وقدرته من وراء السنن التي اختارها -سواء المألوف منها للبشر أو غير المألوف- هذه الطلاقة التي لا تجعل العقل البشري هو الحاكم الأخير، ولا تجعل معقول هذا العقل هو مرد كل أمر، بحيث يتحتم تأويل ما لا يوافقه-كما يتكرر هذا القول في تفسير أعلام هذه المدرسة!

هذا إلى جانب أن المألوف من سنة الله ليس هو كل سنة الله، إنما هو طرف يسير لا يفسر كل ما يقع من هذه السنن في الكون، وأن هذه كتلك دليل على عظمة القدرة ودقة التقدير!

وكل ذلك مع الاحتياط من الخرافة ونفي الأسطورة في اعتدال كامل، غير متأثر بإيحاء بيئة خاصة، ولا مواجهة عرف تفكيري شائع في عصر من العصور!

إن هنالك قاعدة مأمونة في مواجهة النصوص القرآنيّة، لعل هنا مكان تقديرها .. إنه لا يجوز لنا أن نواجه النصوص القرآنيّة بمقررات عقليّة سابقة، لا مقررات عامة، ولا مقررات في الموضوع الذي تعالجه النصوص .. بل ينبغي أن نواجه هذه النصوص لنتلقى منها مقرراتنا .. فمنها نتلقى مقرراتنا الإيمانيّة .. ومنها نكوّن قواعد منطقنا وتصوراتنا جميعاً، فإذا قررت لنا أمراً فهو المقرر كما قررته!

<<  <  ج: ص:  >  >>