للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلى قدر استعداده الفطري يكون كسبه من تجارب الحياة .. وعلى قدر ما يكسبه من تلك التجارب تكون فائدته .. وعلى قدر هذه الفائدة تكون مكانةُ الفرد في الجماعة ومكانته منها .. ومن ثم يتدخل (العقل) بوساطة الفرد في إرشاد الجماعة وهدايتها وتسديدها، والسمو بها صعداً في مدارج الرقي والكمال!

وإذا كانت الحياة لم تعرف حداً لرقيّ الفرد في الجماعة البشريّة تنتهي إليه، فلا يكون للجماعة نفسها هذا الحد، تقف عنده في رقيّها .. فالحياة متجددة، والمعارف الإنسانيّة متزايدة، و (العقل) البشري دائب العمل، وخزائن الكون لا تزال مغلقة، وأسراره ما برحت محجّبة، وحقائقه ما فتئت مجهولة!

وكيف يقف رقيّ الفرد أو الجماعة عند حد، ومهمّة (العقل) في الحياة هي كشف تلك الأسرار الكونيّة، ومعرفة حقائق الوجود واستخدامها في إفادة الإنسانيّة؟!

ومن الغرور العقلي أن يزعم إنسان أنه وصل إلى درجة من المعارف والعلم بحقائق الكون وأسرار الوجود، تقربه من الكمال المقدور للبشريّة، فالمجهول من تلك الأسرار، وهذه الحقائق، لا يزال أعظم بكثير جداً مما عُرف، والذي عُرف لا يزال الكثير منه مستخدماً في الحياة على غير جهته التي تفيد منها الحياة، فالجهاد أمام (العقل) واسع المدى، فسيح الجنبات!

بيد أن هذه المعارف العقليّة التي لا تنتهي عند حد في الأفراد والجماعات، هي في الواقع المشهود محدودة المنزع، لا تتعدى مشاهد الوجود ومظاهر الكون!

<<  <  ج: ص:  >  >>