وهذا اللون من البحث النسّق المزخرف قد يرضي إحساس قارئه، ولكنه لا يرضي عقله؛ لأنها بحوث لا تبالي بالحقائق أن تجيء في إطارها أو لا تجيء!
وفيها كتابات تلفت نظر الذين يعرضون عن قراءة هذه البحوث في مظانها الأصيلة القديمة، لصعوبة المسلك الكتابي في تلك المظان، وعدم العناية بالتنظيم في أسلوب القدامى من العلماء والباحثين، فتجذبهم هذه الكتابات المنسّقة بتنظيمها النسقي إلى القراءة، وقد تدفع ببعض القرّاء إلى حبّ الاستزادة والتعمّق، وربما وقفت بكثير من القارئين على مهيع الإرشاد إلى مفاتيح الهداية في الرسالة الخالدة، رسالة محمد خاتم النبيّين - صلى الله عليه وسلم -!
وهذا اللون من الكتابة لا يشبع نهم المستشرق لمعرفة الحقائق، المتطلع للبحث الجاد؛ ولكنها تفيده وتوجهه، وكأنها لافتة إعلان مضيء، يثير شوق القارئ إلى التطلّع لمعرفة ما وراءها من حقائق فكريّة، وأفكار علميّة، وهذا ليس بالقليل من فوائد البحث ومنافعه!
وفيها كتابات أشبه ما تكون بسلعة غريبة تعرض في السوق تحت لافتة لامعة، فإذا حركتها بيد فكرك لتختبر ما فيها من حقائق لم تجد إلا كلمات ملتقطة من هنا وهناك!
ولا تزال أقلام الباحثين والكاتبين تتسابق في مضمار خصائص محمد - صلى الله عليه وسلم - في رسالته وهدايتها، متخذة طرائق شتّى من البحث، في أسلوب يعتدل أحياناً، ويتعرّج أحايين أخرى .. وتختلف موضوعات الكتابة في دائرة تلك الخصائص، وإن كانت كلها أشبه بالروافد التي تنبع من منبع واحد، وتسير في أودية مختلفة أشدّ الاختلاف، فبعضها وسيع مترامي الجوانب، وبعضها ضيّق