حدثنا عبد الرحمن بن غزوان، أو نوح، أخبرنا يونس بن أبي إسحاق، عن أبي بكر بن أبي موسى، عن أبيه، قال: خرج أبو طالب إِلى الشام، وخرج معه النبي - صلى الله عليه وسلم - في أشياخ من قريش، فلما أشرفوا على الراهب هبطوا، فحلّوا رحالهم، فخرج إِليهم الراهب، وكانوا قبل ذلك يمرّون به، فلا يخرج إِليهم، ولا يلتفت! قال: فهم يَحُلّون رحالهم، فجعل يتخلّلهم الراهب، حتى جاء فأخذ بيد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -! قال: هذا سيّد العالمين، هذا رسول ربّ العالمين، يبعثه الله رحمة للعالمين! فقال له أشياخ من قريش: ما علْمُك، فقال: إِنكم حين أشرفتم من العقبة لم يبق شجر ولا حجر إِلا خرَّ ساجداً، ولا يسجدان إِلا لنبي، وإِني أعرفه بخاتم النبوة أسفل من غضروف كتفه، مثل التفاحة! ثم رجع فصنع لهم طعاماً، فلما أتاهم به وكان هو في رِعْيَةِ الإِبل، قال: أرسلوا إِليه! فأقبل وعليه غمامة تظله، فلما دنا من القوم وجدهم قد سبقوه إِلى فيء الشجرة، فلما جلس مال فيء الشجرة عليه، فقال: انظروا إِلى فيء الشجرة مال عليه! قال: فبينما هو قائم عليهم، وهو يناشدهم أن لا يذهبوا به إِلى الروم، فإِن الروم إِذا رأوه عرفوه بالصفة فيقتلونه! فالتفت فإِذا بسبعة قد أقبلوا من الروم فاستقبلهم، فقال: ما جاء بكم؟ قالوا: جئنا أن هذا النبي خارج في هذا الشهر، فلم يبق طريق إِلا بُعِثَ إِليه بأناس، وإِنا قد أخبرنا خبره، بُعِتْنا إِلى طريقك هذا! فقال: هل خلفكم أحد هو خير منكم؟ قالوا: إِنما اخترنا خِيرةً لك لطريقك هذا! قال: أفرأيتم أمراً أراد الله أن يقضيه، هل يستطيع أحد من الناس رده؟! قالوا: لا. قال: فبايَعوه وأقاموا معه. قال: أنشدكم الله! أيّكم وليّه؟! قالوا: أبو طالب، فلم يزل يناشده