وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل أن يتزوج خديجة قد سافر في مالها مقارضاً إلى الشام!
قال الزبير: وكانت خديجة تدعى في الجاهليّة (الطاهرة)، وماتت على الصحيح بعد المبعث بعشر سنين في شهر رمضان، وقيل بثمان، وقيل بسبع، فأقامت معه - صلى الله عليه وسلم - خمساً وعشرين سنة على الصحيح، وقال ابن عبد البر، أربعاً وعشرين، وأربعة أشهر!
وإذا كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - قد تزوج خديجة -رضي الله عنها - بعد أن بلغ الخامسة والعشرين، فإنه لم يعرف عنه أنه فكر في الزواج من قبل هذه السن (١)؛ لأنه كان عفًّا كريماً، لم يقع منه في طفولته، ما يشين الكرامة .. وهو ليس حصوراً، كما دلت على ذلك حياته من بعد، وما كان خاملاً في قومه، بل هو الذي إذا خطب لا تُرَدُّ خطبته، وكان فيه خُلُق قويم يجعل القلوب تهفو إليه، وفيه جمال يجعل الأنَظار تتعلق به، وتشرئب الأعناق إليه!
نعم، إنه لم يكن غنيًّا، ولكنه تعود منذ نعومة أظفاره أن يكون عاملاً، فرعى الغنم، ثم اتّجر، وإذا كان الاتجار لم يأت بمال موفور يرفعه إلى الثراء، فقد كان فيه الاكتفاء، فلماذا إذن تأخر في الزواج؟
إن الذي نلمسه من تاريخ حياته في ابتدائها، حتى صار شابًّا ممتلئ الشباب أنه ما كان يعير شهوات البدن اهتماماً، فليس للنساء موضع في تفكيره .. وما كان محمد في أي دور من أدوار حياته يهتم بما يهتم به الشباب في هذه الفترة من حياتهم، لا عن ضعف في النفس، ولكن عن قوة فيها، وهمة عالية تتجه