الوحي بنبوّته أموراً شبيهة بما أضفاه على ميلاد بشريّته، ومن ثم فقد التزمنا بما صح رواية ودراية من هذه الروايات!
وأحداث ميلاد الرسالة وبدء الوحي أساس النبوّة ودعائم الرسالة .. والنبوّة هي الحقيقة الكبرى في ميلاد جديد للرسول - صلى الله عليه وسلم -، ميلاد روحاني يصور -أساساً- شخصية النبي بوصفه الجديد، ويصور حياته مع ربّه الذي اختاره لتلقّي كلماته والوحي، ويصور حياته مع نفسه التي اصطفاها الله لتكون منزل أمره ونهيه!
والرسالة هي الحقيقة العظمى في ميلاد جديد للرسول، فوق ميلاد روحانيّة النبي، يصور شخصية الرسول - صلى الله عليه وسلم - بمظهر ولادته الجديدة، ويصوّر حياته مع ربّه الذي اختاره رسولاً بينه وبين من شاء من عباده، يبلّغهم عنه ضروب هدايته، ويصوّر حياته مع نفسه رسولاً، يخرج الناس من ظلمات الجهل والضلالة، إلى نور العلم والهداية، ويصوّر حياته مع الناس في طرائق دعوتهم إلى الله، ودعوتهم إلى الحق والخير!
وإشراق الوجود البشري كان ميلاداً لمحمد بن عبد الله بن عبد المطلب، في مهد أمّه آمنة بنت وهب .. وإشراق الوجود النبوي ببدء الوحي كان ميلاداً لمحمد رسول الله خاتم النبيّين!
وبن الميلادين في الفضل والشرف ما بين طفل خرج إلى الدنيا كما يولد أيّ طفل -في أشرف وأكرم بيت من بيوتات أعزّ قبيلة في العرب- ثكل أباه قبل أن يتشرّف الوجود بطلعته، وكان هذا الثكل جرحاً في قلب جده عبد المطلب، فكان الرسول - صلى الله عليه وسلم - بلسماً لجرح الثكل في قلب هذا الجد الذي أخذت منه السنون، فلم تبق له إلا قلباً يعمره حب بنيه الذين عزّ بهم!