للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنظاركم، فانظروا وتفكروا في جوانب ذلك كله، واستخرجوا منه -ولن تستطيعوا- ما يقيم عوج دعاواكم، وأود أباطيلكم، ولكنكم علمتم أن محمداً - صلى الله عليه وسلم - أرسله الله تعالى ليقوض بنيان الكفر والنفاق، ويهدم صرح الإلحاد، وينذر الذين لووا رؤوسهم عن قبول الحق بعذاب الله وبأسه، والذين ينغضون اليوم رؤوسهم جحوداً وعصبية عمياء ببطش الله وعقابه: {فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ آيَاتُنَا مُبْصِرَةً قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ (١٣) وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (١٤)} (النمل)!

ويقول تبارك وتعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ (٤٦)} (سبأ)!

وهذه الآية الكريمة تجري في مَهْيع الآية السابقة: {أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ (١٨٤)} (الأعراف)!

وتبدأ ببيان مهمة محمد - صلى الله عليه وسلم - في رسالته التي أمر بتحقيقها في الحياة، فهو مرسل ليعظ الناس أن يقوموا لله الواحد الأحد على قدم العبوديّة، بإفراده بالتعبد له وحده، لا يشركون به شيئاً، جماعات وأفراداً، وهذه قضية فطريّة من بدائه العقول، لا تحتاج إلا إلى موقف تذكير وكلمة واعظة، تحرك القلب إلى اليقظة، والعقل إلى التنبيه، فإذا استيقظ القلب، وتنبه العقل، وعادت الفطرة إلى استقامتها في توحيد الله فانظروا حينئذ في شأن محمد - صلى الله عليه وسلم - ورسالته، نظر تدبّر وتفكّر، لتصلوا بهذا التدبّر إلى العلم الذي لا يداخله شك، ويتجلّى لكم أن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - أصح الناس عقلاً، وأصدقهم حديثاً، وأهداهم هدى، وأرشدهم رشداً، أليس بين أيديكم ما جاء به من شرائع وآداب، ونظم وأخلاق؟!

<<  <  ج: ص:  >  >>