من البلاغات، وهي من قبيل المنقطع، والمنقطع من أنواع الضعيف، والبخاري لا يخرج إلا الأحاديث المسندة المتصلة برواية العدول الضابطين، ولعل البخاري ذكرها لينبهنا إلى مخالفتها لما صح عنده من حديث بدء الوحي الذي لم تذكر فيه هذه الزيادة!
وقال: وأيضاً فإن ما استفاض من سيرته - صلى الله عليه وسلم - يرد ذلك، فقد حدثت له حالات أثناء الدعوة إلى ربه أشد وأقسى من هذه الحالة، فما فكر في الانتحار بأن يلقي نفسه من شاهق جبل أو يبخع نفسه!
وقال: ونحن لا ننكر أنه - صلى الله عليه وسلم - قد حصلت له حالة أسى وحزن عميقين على انقطاع الوحي، خشية أن يكون ذلك عدم رضا من الله، وهو الذي كان يهون عليه كل شيء من لأواء الحياة وشدائدها ما دام في سبيل الله، وفيه رضا الله!
وقال: وليس أدل على ضعف هذه الزيادة وتهافتها من أن جبريل كان يقول للنبي - صلى الله عليه وسلم - كلما أوفى بذروة جبل:(يا محمد، إِنك رسول الله حقاً) وأنه كرر ذلك مراراً، ولو صح هذا لكانت مرة واحدة تكفي في تثبيت النبي - صلى الله عليه وسلم - وصرفه عما حدّثته به نفسه كما زعموا!
وقال الدكتور موسى شاهين (١): هذه الرواية تتعارض مع ما كان عليه - صلى الله عليه وسلم - من الإيمان الكامل، واليقين المطلق الذي لا تزعزعه الكوارث، والذي يستبعد معه التفكير في الانتحار، مهما كانت أسبابه ودواعيه .. ثم قال: والذي أستريح إليه أن هذه الزيادة من رواية معمر، وأن هذا التصور من بلاغات الزهري، وليس موصولاً، فلا نثبت ما يتنافى والطبع السليم!