إيمان أبي بكر الصدّيق - رضي الله عنه -، فهو منذ أجاب إلى الإِسلام أقام نفسه داعياً إلى الله، يبلّغ دعوة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، متحمّلاً مسؤوليّة النيابة والوراثة في الدعوة والتبليغ!
وخصيصة أبي بكر الصدّيق - رضي الله عنه - في ذلك أنه كان أوّل من تحمّل هذه المسؤوليّة؛ لأنه كان أوّل مؤمن يطيق حملها، والقيام بأعبائها باعتباره الشخصيّة الوحيدة التي كانت بعرض التكليف بهذا التحمّل إذ ذاك!
والذين استجابوا لله وللرسول من السابقين الأولين لم يكونوا كلهم ولا أكثرهم من الضعفاء والأرقّاء والفقراء، وحواشي بيوتات مكّة، وأتباعها الملتَقطين فتات موائدها -كما شُهر ذلك على ألسنة وأقلام السطحيّين من الباحثين- بل كانوا في كثرتهم الكاثرة من صميم أبناء بيوت قريش وبطونها، وعِلْية شبابها!
وسيأتي تفصيل ذلك!
وهم معروفون بأسمائهم وأنسابهم، وييوتهم، وقبائلهم، فما شُهِر من أن الذين سبقوا إلى الإيمان بدعوة محمَّد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومتابعته على دينه، وتصديق رسالته، كانوا من الأرقّاء، والموالي، والمستضعفين والمحرومين كلام -وإن ورد في بعض الروايات كما سبق- لا يصحّ على إطلاقه -اغتراراً بما فيه من بريق مناصرة الإِسلام للضعفاء، وتخليص الأرقاء من رقّ العبوديّة الظالمة، وتحرير الفقراء من أغلال الاستغلال الجماعي الجائر- تأثّراً بالمذاهب الاجتماعيّة الضالّة الفاسدة، التي غرّرت بطوائف الشعب الغرِّيرة الكادحة تحت اسم العمّال والمحرومين، وأقاموا على دعائم هذا التغرير الخبيث الماكر الثورات