للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذه الدفعة الطائشة الحمقاء، قد تهدأ عن صاحبها قليلاً، فتتركه يستعرض أبواب المكاسب، ثم ينتقي منها وينتخب، ويأخذ منها ويذر، ولكنها توحي إليه سراً قاعدة الاختيار!

إنها تدعوه إلى أن يوازن بين وجوه الكسب، أيّها أكثر ريعاً وأوفر ربحاً، وأيّها أقلّ غَرَراً وأيقن نجاحاً!

هكذا، نزعة مبصرة هنا، ودفعة عمياء هناك!

ولكنها في كلتا الحالين انبعاثة ماديّة خالصة، لا أثر فيها للقيم المعنوية، ولا للاعتبارات الإنسانية .. ماديّة غليظة القلب، ساقطة الهمّة، منهومة البطن، لا تتورع أن تستمدّ حياتها من فنون الحيل والمكر، والجور والغدر، والكذب والتزوير، والملق والنفاق، والرشوة والقمار، وغيرها من ألوان الإثم والسحت!

إنها لا يعنيها شرف الوسيلة، ولا طهارة اليد، ولكن يعنيها ضمان الحصيلة، ووفرة العدّ!

ويجيء القرآن الكريم، فيصدر أمره بإغلاق هذه الأبواب الفاجرة كلها .. فلنستمع إليه حين ينهى عنها، وحين يحذّر وينقر منها، ولنستمع إليه حين يشدّد النكير على أصحابها، أولئك الذين يأكلون التراث أكلاً لمًّا، لا يبالون من أين جمعوه، انتهاباً واغتصاباً، أو غشًّا وخداعاً، أو امتصاصاً من دم اليتيم: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (١٨٨)} (البقرة)!

{وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ} (الروم: ٣٩)!

<<  <  ج: ص:  >  >>