إن موجة الفرحة بهذا النجاح الحاضر لتغمر حياته من شاطئها، إن نظر إلى أمسه نظمِ إليه معجباً فخوراً، يقول:
ربِّ أكرمني إذا كنت أهلاً لهذا الإكرام، فقد أخذت للنجاح عدّتي، وما أوتيته من علمي وعملي، وإن نظر إلى غده نظر إليه بملء الثقة والاطمئنان، يقول: لن تبيد هذه النعمة أبداً، وقد ذهبت السيئات عني إلى غير معاد .. أليس هذا هو الأمل الكاذب والغرور الفاتن؟!
هاتان صورتان نفسيّتان، تتعاقبان على قلب كل عامل، وهما على قلب طالب المال أكثر تعاقباً وأشدّ تغلّباً، ما لم يكن له من إيمانه عاصم!
فلنستمع إلى القرآن الحكيم وهو يعالج هاتين الظاهرتين!
لنستمع إليه حين يتوجّه إلى المخفقين المحرومين، وقد برموا بحاضرهم، وندموا على ماضيهم، ويئسوا من مستقبلهم!
ها هو ذا يمسح على صدورهم بكفّ الرحمة، فيبدّل حرارة الهمّ برداً وسلاماً، ومرارة ندمهم رضىً ويقيناً: {اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (١٥٣)} (البقرة)!
وقالوا: لو كان .. لكان .. إن هذه الحسرات لن تردّ ما فات:{مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا}(الحديد: ١٢٢)!