وحركة تتجه بالمال إلى غير صاحب المال، لتبذله في وجوه البرّ للآخرين!
هذه الحركة الثانية تبدأ في دائرة محدودة ضيّقة، ثم لا يزال يمتدّ قطرها، وينفرج محيطها، حتى تصبح أوسع الدوائر وأشملها!
تبدأ بالأسرة الخاصة الصغرى، حيث أضيق المسؤوليّات، وألزم التبعات، ثم تمتدّ أغصانها بامتداد القرابة والنسب، وتتشعّب أطرافها بتشعّب الصحبة والجوار واشتباك المصالح، واتساع العلوم وانتشار الأخبار .. حتى تصل إلى محيط الأسرة العامة الكبرى .. أسرة الإنسانيّة العالميّة، بعد أسرة الدّين والوطن!
هي إذن حقوق ثلاثة في أموالنا، تتقاضانا أداءها والقيام بها:
حق النفس!
وحق الأسرة!
وحق الجماعة!
فلننظر إلى هذه الحقوق الثلاثة في مرآة القرآن الحكيم، لنعرف مبلغ عنايته، ومدى اهتمامه بكل واحدة منها!
أتدري ماذا سوف نرى؟
سوف نرى عجباً، بل أعجب العجب!
سوف نرى هذه الحقوق الثلاثة لا تأخذ من عناية القرآن نصيباً متساوياً؛ بل يتفاوت حظها من هذه العناية تفاوتاً كبيراً، وأن الذي يظفر من بينه بنصيب الأسد إنما هو حق الجماعة العامة، بينما حق الأسرة يتبوّأ منها مكاناً وسطاً!