للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإذا انحرفت الفطرة بفعل البيئة أو الوراثة وجعلت تتحرّج وتتأثّم مما لا حرج فيه ولا إثم، فهنالك يجيء دور الشريعة في تصحيح الأوضاع المنحرفة، ورفع النظر الذي وضعته العادات السيئة، والعقائد الباطلة .. وهكذا نرى موقف القرآن الحكيم: {لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (٨٧)} (المائدة)!

{قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (٣٢)} (الأعراف)!

وكذلك لمَّا كانت لحمة الرحم تجعل من أعضاء الأسرة كائناً واحداً، يشعر بشعور واحد، حتى كأن حياة أحدهم امتداد لحياة صاحبه، وكأن حاجة الآخر هي حاجة نفسه، لم يكن بالشريعة حاجة إلى أكثر من تغذية هذا الشعور وتنميته ما دام قائماً، فإذا اضمحلّ هذا الشعور بتراخي حبال الرابطة الزوجيّة، وتفكّك عرا الأسرة، فهنالك يبرز سلطان القانون، ويرفع صولجانه!

وهكذا نرى الدعوة القرآنيّة إلى القيام بحقوق الأسرة، لا تأخذ طابع الشدّة والصراحة، إلا حيث يبدأ التفسّخ والتفكك في هذه الرابطة بالشقاق وبالفراق: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى (٦) لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ} (الطلاق: ٧)!

<<  <  ج: ص:  >  >>