للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِلى مضْجعه، فمرَّ به عليٌّ فقال: أما آن للرجل أن يعلم منزله؟ فأقامه، فذهب به معه، لا يسأل واحدٌ منهما صاحبه عن شيء! حتى إِذا كان يوم الثالث، فعاد عليٌّ على مثل ذلك، فأقام معه، ثم قال: ألاَ تُحدِّثُني؟ ما الذي أقدمك؟ قال: إِن أعطيْتَني عهداً وميثاقاً لتُرشِدَنَّني فعلت، ففعل، فأخبره قال: فإِنه حقٌّ، وهو رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، فإِذا أصبحتَ فاتَّبعني، فإِنّي إِن رأيت شيئاً أخاف عليكَ، قُمتُ كأنّي أُريق الماء، فإِن مضيتُ فاتبَّعني حتى تدخلُ مَدْخلي! ففعل، فانطلق يقْفوه، حتى دخل على النبي - صلى الله عليه وسلم -، ودخل معه، فسمع من قوله، وأسْلم مكانه، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ارْجِعْ إِلى قومك، فأخْبرهُم، حتى يأتيك أمْري" قال: والذي نفسي بيده! لأصرُخَنَّ بها بين ظَهْرانَيْهم، فخرج حتى أتى المسجد، فنادى بأعلى صَوْته: أشهد أن لا إِله إِلا الله، وأن محمداً رسول الله! ثم قام القوم، فضربوه، حتى أوجعوه! وأتى العباس، فأكبّ عليه، قال: ويلكم! ألستم تعلمون أنه من غِفَار، وأن طريق تجارتكم إِلى الشام؟ فأنقذه منهم! ثم عاد من الغد لمثلها، فضربوه، وثاروا عليه، فأكبّ العباس عليه (١)!

لقد أسلم أبو ذرّ رضي الله عنه في وقت كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - يدعو إلى الله سراً .. ولكنه يتمثل في الرسول الذي آمن به، وفي الدعوة التي عرف تباشيرها ونطق بها لسانه، يتحدّى كبرياء قريش، وينادي بأعلى صوته:

أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله!

ويكرر ذلك النداء .. ويحدّث قومه عن الرسالة والرسول - صلى الله عليه وسلم -!


(١) البخاري: ٦٣ - مناقب الأنصار (٣٨٦١)، وانظر: ٦١ - المناقب (٣٥٢٢)، ومسلم (٢٤٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>