للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونبصر في تباطؤ الناس عن الدخول في الإسلام دليلاً على مدى قوّة وتغلغل العادات والتقاليد في المجتمعات التي تعيش ردحاً من الزمان في الجاهليّة وفساد الفطرة .. وهو وضع يواجهه الدعاة في كثير من المجتمعات قديماً وحديثاً .. حتى المجتمعات الإسلامية، عندما يخبو فيها صوت الدعوة المهتدية بسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، تجد أثراً كبيراً للعادات والتقاليد في تسيير حركة المجتمع في المجالات المختلفة .. وتجد استنكاراً ممن وقعوا في أسر هذه العادات والتقاليد، لصوت الحق المهتدي بسنّة الرسول - صلى الله عليه وسلم - والسلف الصالح، في فهم الإسلام!

ونبصر في خصوصيّة الأمر بإنذار العشيرة، إشارة إلى درجات المسؤوليّة التي تتعلّق بكل مسلم عموماً، والدعاة منهم خصوصاً، فقد كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - يتحمّل المسؤوليّة تجاه نفسه، لكونه مكلّفاً .. ويتحمّلها تجاه أسرته وأهله، لكونه مسؤولاً عن أسرته وذا آصرة قربى .. ثم يتحمّل المسؤولية تجاه الناس كلهم بكونه نبياً ورسولاً من الله -عزّ وجلّ!

ويشترك مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في المسؤوليّة الأولى كل مكلّف .. وفي الثانية كل صاحب أسرة، أو كل فرد له عشيرة، وفي الثالثة العلماء والحكام (١)!

ونعود إلى الآيات التي معنا: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (٢١٤) وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٢١٥) فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ (٢١٦) وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (٢١٧)}!

نعود لنبصر وراء إنذار الأقربن برًّا بهم (٢)، وتحريكاً لدوافع حميّة القربى فيهم!


(١) انظر: البوطي: فقه السيرة: ٨١٨٢.
(٢) محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ٢: ١٦٢ وما بعدها بتصرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>