للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهاتان فائدتان في اللفظ بـ (العام) في هذا الموطن، وأما قوله: {وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً} (الأحقاف: ١٥)!

فإنما ذكر السنين، وهي أطول من الأعوام، لأنه مخبر عن اكتمال الإنسان، وتمام قوته واستوائه، فلفظ السنين أولى بهذا الموطن، لأنها أكمل من الأعوام!

وفائدة أخرى: أنه خبر عن السن، والسن معتبر بالسنين، لأن أصل السن في الحيوان لا يعتبر إلا بالسنة الشمسيّة ... وهكذا!

وقرأ الجمهور {ثَلاثَ مِائَةٍ} بالتنوين، وانتصب (سنين) على البدليّة من اسم العدد، على رأي من يمنع مجيء تمييز المائة منصوباً، أو هو تمييز عند من يجيز ذلك!

وقرأ حمزة والكسائي وخلف بإضافة مائة إلى سنين، على أنه تمييز للمائة، وقد جاء تمييزاً لمائة جمعاً، وهو نادر، لكنه فصيح!

واليهود الذين لقَّنوا قريشاً السؤال -كما سبق- يؤرخون الأشهر بحساب القمر، والسنين بحساب الدورة الشمسيّة، فالتفاوت بين أيام السنة القمريّة وأيّام السنة الشمسيّة يحصل منه سنة قمرية كاملة في كل ثلاث وثلاثين سنة شمسيّة، فيكون التفاوت في مائة سنة شمسية بثلاث سنين زائدة قمريّة، كذا نقله ابن عطية (٢) عن النقاش المفسّر!

وبهذا تظهر نكتة التعبير عن التسع السنين بالازدياد، وهذا من علم القرآن وإعجازه العلمي الذي لم يكن لعموم العرب علم به!


(٢) انظر: المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز، لابن عطية: ٩: ٢٨٣ وما بعدها تحقيق وتعليق عبد الله الأنصاري، والسيد عبد العال، ط أولى، غرة جمادى الأولى ١٤٠٨ هـ ديسمبر ١٩٨٧ م، الدوحة

<<  <  ج: ص:  >  >>