للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا (٩٤)} (الكهف).

العرض المقدّم أن يجمع الشعب مالاً ليقدّمه إلى القائد، ليتولّى مسؤوليّة السدّ: عليهم المال، وعليه أن يوفّر المواد والعمل!

ولكن القائد العادل لم يقبل هذا العرض، فليس مهمته مجرّد إنشاء سدّ، وإن كان يحول دون الطغيان، ويحتمي وراءه المستضعفون، فرد عليهم:

{قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا (٩٥)}.

ما مكّني فيه ربّي خير مما تعرضون عليَّ .. أريد منكم أن تشاركوني في بناء السدّ، أيديكم في يدي، وسواعدكم معي، وسنبني السدّ معاً متعاونين، وستبنون نفوسكم وأنتم تبنونه، وتجدون حقيقتكم وسط الجهد والعرق، لا أريد أن تبقى لكم أيد لا تحسن إلا تقديم المال .. والشكوى .. وانتظار من يحمل عنها مسؤوليتها، أريد أن تعملوا!

وما أكرم قوله: {فَأَعِينُونِي} كأنه المحتاج إلى العون {بِقُوَّةٍ} كأنه المحتاج منهم، مع أنهم المحتاجون إلى العون والقوّة!

هكذا نفخ فيهم القائد من روحه، أراهم أنهم قادرون على أن يعملوا .. وأن يعملوا بقوة: {فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ} أمر تجد فيه الدعوة التي تحسّها في قول الحق جلَّ شأنه: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٢٤٥)} (البقرة)!

<<  <  ج: ص:  >  >>