ناراً، وفي مرحلة معيّنة من مراحل العمل يصبّ القائد النحاس المصهور على الحديد الملتهب!
هنا يصبح السدّ قطعة واحدة، كما يصبح الشعب سبيكة واحدة، عن طريق العمل الدائب، وارتفاع معنوياته، وعمله المنظم من أجل هدف كبير، مع تماسك السدّ، وتماسك الشعب!
هذا بالصهر!
وهذا بالعمل!
وبعد أن يفرغ القائد والشعب من الإنشاء ينتقل إلى مرحلة ختاميّة، هي اختبار العمل بعد إتمامه، ويأمرهم القائد: حاولوا أن تتسلّلوه، حاولوا أن تخترقوه ونقرأ التسجيل الإلهي لهذه المحاولة: {فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا (٩٧)}!
وعندنا في اللغة العربيّة قاعدة أن زيادة المبنى في الكلمة تدل على زيادة المعنى، ولا شك أن محاولة صعود السد أيسر من محاولة اختراقه، ولهذا قال الله في الأولى:{فَمَا اسْطَاعُوا}، وفي الثانية:{وَمَا اسْتَطَاعُوا} بزيادة حرف التاء! وبعد هذا كله يرتفع صوت القائد: {قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي} إيمان يرد الأمر فيه إلى الله تعالى، دون انتظار ثناء منهم، أن فتح أمامهم طريق العمل الجاد المشترك من أجل هدف كبير!