بين جيش المسلمين وجيوش الروم- فيما عدا الحالات التي وقع فيها ما تصفه الآيات التي نحن بصددها فاستجابت قلوب للإسلام ودخلت فيه، وفيما عدا حالات أخرى آثرت فيها طوائف من النصارى أن تحتمي بعدل الإِسلام من ظلم طوائف أخرى من النصارى كذلك، يلاقون من ظلمها الوبال!
أما التيّار العام الذي يمثل موقف النصارى جملة فهو تلك الحروب الصليبية التي لم يخب أوارها قط -إلا في الظاهر- منذ التقى الإِسلام والرومان على ضفاف اليرموك!
لقد تجلّت أحقاد الصليبيّة على الإِسلام وأهله في الحروب الصليبيّة المشهورة طوال قرنين من الزمان .. كما تجلّت في حروب الإبادة التي شنّتها الصليبيّة على الإسلام والمسلمين في الأندلس .. ثم في حملات الاستعمار والتبشير على الممالك الإسلاميّة في إفريقيا أوّلاً ثم في العالم كله أخيراً!
ولقد ظلّت الصهيونيّة العالميّة والصليبيّة العالميّة حليفتين في حرب الإِسلام -على كل ما بينهما في أحقاد- ولكنهم كانوا في حربهم للإسلام كما قال عنهم العلم الخبير:{بَعْضهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ}!
حتى مزّقوا دولة الخلافة الأخيرة، ثم مضوا في طريقهم ينقضون هذا الدّين عروة عروة، وبعد أن أجهزوا على عروة (الحكم) ها هم أولاء يحاولون الإجهاز على الباقي!
ثم هاهم أولاء يعيدون موقف اليهود القديم مع المسلمين والوثنييّن، فيؤيّدون الوثنيّة حيثما وجدت ضدّ الدّين القيّم، عن طريق المساعدات المباشرة تارةً، وعن طريق المؤسسات الدوليّة التي يشرفون عليها تارةً أخرى! وليس الصراع بين الهند وباكستان على (كشمير) وموقف الصليبيّة منها ببعيد!