ومع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عمّه حمزة بن عبد المطلب، وأبو بكر بن أبي قُحافة الصّدِّيق، وعليّ بن أبي طالب، في رجال من المسلمين -رضي الله عنهم- ممن كان أقام مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمكة، ولم يخرج فيمن خرج إلى أرض الحبشة، فلقيه نُعيم بن عبد الله، فقال له:
أين تريد يا عمر؟ فقال: أريد محمداً هذا الصّابئ، الذي فرّق أمر قريش، وسفّه أحلامها، وعاب دينها، وسبّ آلهتها، فأقتُله!
فقال له نُعيم: والله! لقد غَرّتك نفسُك يا عُمر، أترى بني عبد مناف تاركيك تمشي على الأرض، وقد قتلت محمداً!
أفلا ترجع إلى أهل بيتك، فتُقيم أمرهم! قال: وأيّ أهل بيتي؟ قال: خَتَنُك وابن عمّك سعيد بن زيد، وأختُك فاطمةُ بنت الخطاب، فقد والله! أسلما، وتابعا محمداً على دينه، فعليك بهما! قال: فرجع عمر عامداً إلى أخته وختنه، وعندهما خبّاب بن الأرت، معه صحيفة، فيها {طهَ} يقرئهما إيّاها، فلمَّا سمعوا حسّ عُمر، تغيّب خبّاب في مَخْدَعٍ لهم، أو في بعض البيت، وأخذت فاطمةُ بنتُ الخطاب الصحيفة، فجعلتها تحت فخذها، وقد سمع عمر حين دَنَا إلى البيت قراءة خبّاب عليهما، فلمَّا دخل قال: ما هذه الهيْنمة التي سمعت؟ قالا له: ما سمعت شيئاً، قال: بلى والله! لقد أُخْبرت أنكما تابعتما محمداً على دينه، وبطش بخَتَنِه سعيد بن زيد، فقامت إليه أخته فاطمة بنت الخطاب، لتكُفّه عن زوجَها، فضربها فشجَّها، فلمَّا فعل ذلك قالت له أخته وختَنه: نَعم، قد أسلمنا، وآمنَّا بالله ورسوله، فاصنع ما بدا لك!