للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورسوله! وثارُوا إِليه، فما برَح يُقاتلهم ويقاتلونه، حتى قامت الشمس على رؤوسهم! قال: وطَلحَ (١)، فقعد، فقاموا على رأسه، وهو يقول: افعلوا ما بدا لكم، فأحلف بالله! أن لو قد كنا ثلاثمائة رجل، لقد تركناها لكم، أو تركَتموها لنا! قال: فبينا هم على ذلك، إِذ أقبل شيخ من قريش، عليه حلَّة حِبْرة (٢)، وقميص موسى، حتى وقف عليهم، فقال: ما شأنكم؟ قالوا: صَبَا عمر، فقال: فَمَه، رجلٌ اختار لنفسه أمْرًا، فماذا تريدون؟ أتَرْون بني عديّ بن كعب، يُسلمون لكم صاحِبَهُم هكذا! خَلُّوا عن الرجل (٣)! قال: فوالله! لكأنما كانوا ثوباً كُشِط عنه! قال: فقلت لأبي بعد أن هاجر إلى المدينة: يا أبت، مَن الرجل: الذي زجَر القوم عنك بمكّة يوم أسْلمت، وهم يقاتلونك؟ فقال: ذاك، أيْ بُني، العاص بن وائل السَّهمي (٤)! قال ابن هشام: وحدّثني بعض أهل العلم أنه قال: يا أبت، من الرجل الذي زَجَر القوم عنك بمكّة يوم أسلمت، وهم يقاتلونك، جزاه الله خيراً؟ قال: يا بنيّ، ذاك العاص بن وائل، لا جزاه الله خيراً!

قال ابن إسحاق: وحدّثني عبد الرحمن بن الحارث عن بعض آل عمر، أو بعض أهله، قال:


(١) معناه أعيا، والبعير الطليح هو المعيي.
(٢) الحبرة ضرب من برود اليمن.
(٣) لفظَه هكذا هنا اسم سمّي به الفعل، ومعناه لا يحتاج معها إنى زيادة، وظاهر: معناه عادتهم.
(٤) ابن هشام: ١: ٤٢٩ - ٤٣٠، وسنده صحيح، وابن حبان من طريق ابن إسحاق: موارد الظمآن: ٥٣٥، وأبو نعيم: الحلية: ١: ٤١ وفي سنده أسامة بن زيد بن أسلم، ضعيف: انظر: الميزان: ١: ١٧٤، والبزار: كشف الأستار: ٣: ١٧١، ١٧٢، وقال الهيثمي: "المجمع: ٩: ٦٥ وفيه النضر أبو عمرو متروك.

<<  <  ج: ص:  >  >>