للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لها، ويهديها، ويقودها إلى أكمل مراتب الكمال في حياتها، وينهض بها إذ يرفع أمرها إلى أرقى درجات التحضّر الكريم، يسوسها بعدله وحكمته، ويأسو جراحها برحمته، ويحمل عنها عبء مسؤوليّتها بأرفع وأجلّ ما حمل عبقريّ مسؤوليّة أمّة في حياتها!

إنه الإعجاز الذي جعل من أمّة الإِسلام أمّة محسودة؛ لأن العناية الإلهيّة وهبت لها عمر الفاروق، ثاني الراشدين، ليقودها وهي في مطلع حياتها، تتحسّس مواضع أقدامها، فكانت بعدله وسياسته وحكمته وقيادته خير أمة أخرجت للحياة في جميع مظاهر الإصلاح!

بهذا كله وأعظم منه قدراً، وأكثر عدداً، جاءت رسالة محمَّد - صلى الله عليه وسلم -، فكانت خاتمة الرسالات!

وبهذا كله، وأرفع منه وزناً، وأجلّ منه مرتبةً، وأفضل معنى في مراتب الفكر والنظر، وفي مجالات أنظمة الحياة، أُنزل القرآن العظيم على خاتم النبيّين - صلى الله عليه وسلم -، فكان المعجزة الخالدة، والآيات البيّنة، بمعانيه الإنسانيّة، وتشريعاته التعبديّة، وسماحته العقديّة، ونظمه الاجتماعيّة، وهدايته التربويّة، وآدابه الخلقيّة، وروعة أساليبه البيانيّة، وبراعة تحليله للنفوس البشريّة، وكشف دخائلها، وشفائها من أسقامها!

لقد جمع الله تعالى لعمر الفاروق - رضي الله عنه - كل هذه الحقائق والمعاني، وصوّر له كمالاتها في لحظة من الزمن، انفجر منها في داخل بصيرته نور أضاء له ملكوت السموات والأرض، فقرأ من كتاب الكون أصول هدايته كما أسلفنا فآمن بالله ربًّا، وبالإِسلام ديناً، وبمحمد - صلى الله عليه وسلم - نبيًّا ورسولاً!

<<  <  ج: ص:  >  >>