الآثار، ومجالات الحوادث التي مرت عليها الأحقاب الطويلة، فكتب المستشرقون التاريخ القديم لبابل وآشور وغيرهما، وأخذوا يلائمون بين الحوادث القديمة المجهولة الزمن ويعرضونها على الناس واضحة نقيّة، منسقة مرتبطاً بعضها ببعض، وطفقوا يعثرون على الصفحات المفقودة من كتاب التاريخ القديم للبشر!
إلا أنهم قد أعياهم البحث والفحص فلم يجدوا الصفحات المفقودة عن حياة نبيّهم!
وقد استفرغ (ريتان) جهده، ولقي من العناء والنصب مبلغاً عظيماً، ليقف على حياة عيسى كاملة تامة، ومع ذلك فإن شؤون عيسى -عليه السلام- وأحواله لا تزال سراً مكنوناً في ضمير الزمن، لم يبح به لسانه بعد!
إن عيسى -عليه السلام- عاش في هذه الدنيا ثلاثاً وثلاثين سنة، كما يروي الإنجيل، والأناجيل الموجودة الآن -على ما في رواياتها من ضعف ولبس- مقصورة على ذكر أحواله لمدة ثلاث سنوات من أواخر حياته وحسب!
ونتساءل: أين قضى عليه السلام الثلاث أو الخمس والعشرين سنة على الأقل من حياته؟ وفيم قضاها؟ وبأي الأعمال شغل هذا الفراغ الواسع من عمره؟ إن الدنيا لا تعلم عن ذلك شيئاً، ولن تعلم!
وإن السنوات الثلاث الأخيرة التي ذكرت أحواله ماذا نجد فيها؟ آيات ومعجزات معدودات وبعض العظات!
ومن الشروط الضروريّة التي لا بد منها لكل من يرجى أن تكون سيرته وهدايته أسوة للبشر، الشمول والتكامل -كما أسلفنا- والمراد أن الطوائف البشريّة المتفرقة، والطبقات البشريّة المختلفة تحتاج إلى أمثلة كثيرة متنوعة، تتخذها منهاجاً لحياتها الاجتماعيّة!