للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكن اللطيف الودود الذي أرسل محمداً رحمة للعالمين، ولم يرسله لعنة على المعاندين الجاحدين، جعل وجوده حصناً حصيناً من تنزل عذاب الاستئصال في الدنيا بهؤلاء المعاندين الجاحدين، فقال عقب تصوير بشاعتهم يرفع ذكره، وينوّه بمقامه عنده: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ}! وجعله أماناً، ولو ظلوا على كفرهم وشركهم، ثم جعل توبتهم بالإيمان واستغفارهم لما سلف من كفرهم أماناً بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (٣٣)} (الأنفال).

يروي البخاري وغيره عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: قال أبو جهل: (١) (اللهم إِن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم). فنزلت: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (٣٣) وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (٣٤)} (الأنفال).

ويروي أحمد وغيره عن أبي موسى قال: (٢) أمانان كانا على عهد رسول


(١) البخاري: ٦٥ - التفسير (٤٦٤٨، ٤٦٤٩)، والبيهقي: الدلائل: ٣: ٧٥.
(٢) أحمد: ٤: ٣٩٣ صحيح لغيره، فيه جهالة محمَّد بن أبي أيوب، تفرد بالرواية عنه حرملة بن قيس، ولم يؤثر توثيقه عن غير ابن حبان، من رجال (التعجيل)، وحرملة بن قيس، وهو النخعي، قال أحمد: ما أرى بحديثه بأساً. وقال ابن معين: ثبت، وهو من رجال (التعجيل) كذلك، وكيع: هو ابن الجراح الرؤاسي. والبخاري: التاريخ الكبير: ١: ٣٢، والحاكم: ١: ٥٤٢ من طريق وكيع بهذا الإسناد، وتحرّف اسم محمَّد بن أبي أيوب إلى عبيد بن أبي أيوب، وسكت عنه الحاكم والذهبي، وأخرجه الترمذي (٣٠٨٢) مرفوعاً، وتمام الرازي في فوائده (٣١٤٥): الروض البسام، قال الترمذي: هذا حديث غريب، وللموقوف شاهد من حديث أبي هريرة عند الحاكم: ١، ٣٤٢، والبيهقي: شعب الإيمان (٦٥٤) من طريق أسود =

<<  <  ج: ص:  >  >>