للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كزوجةٍ وولدٍ وخادمٍ، وكتلميذٍ يعتقدُ بركته، فإنَّه لا يدري في أيِّ طعامهِ البركة، كما رواه مسلمٌ من حديثِ جابر وأبي هريرة، ولما فيه من تلويثِ ما يمسحُ به مع الاستغناء عنه بالرِّيق.

وقيل: إنَّما أمرَ بذلك لئلَّا يتهاون بقليلِ الطَّعام، وقوله: فإنَّه لا يدرِي في أيِّ طعامهِ البركة، لا ينافِي إعطاءَ يدهِ لغيرهِ يُلْعقها، فهو من باب التَّشريك فيما فيه البركة.

وفي حديث كعب بن مالك عند مسلمٍ: «كان رسولُ الله يأكلُ بثلاثِ أصابع، فإذا فرغَ لعقهَا».

قال في «فتح الباري»: فيحتملُ أن يكون أطلق على الأصابعِ اليد، ويحتمل وهو الأولى أن يكون أرادَ باليد الكفَّ كلَّها، فيشملُ الحكم من أكل بكفِّه كلِّها، أو بأصابعه فقط، أو ببعضِها.

ويؤخذُ منه أنَّ السُّنَّة الأكلُ بثلاثِ أصابع، وإن كان الأكلُ بأكثرَ منها جائزًا. وفي حديث كعب بن عجرةَ عند الطَّبرانيِّ في «الأوسط» قال: «رأيتُ رسولَ الله يأكلُ بأصابعهِ الثَّلاث بالإبهام والَّتي تليها والوسطى، ثمَّ رأيتُه يلعقُ أصابعه الثَّلاث قبل أن يمسحَها الوسطى ثمَّ الَّتي تليها ثمَّ الإبهام».

والسِّرُّ في ذلك -كما قاله الحافظ الزَّين عبد الرَّحيم (١) العراقيُّ- أن (٢) الوسطى يكثرُ تلويثها لأنَّها أطولُ فيبقى فيها من الطَّعام أكثر من غيرها، ولأنَّها لطولهَا أوَّل ما تنزلُ في الطَّعام، ويحتمل أنَّ الَّذي يلعقُ يكون بطن كفِّه إلى جهة وجههِ، فإذا ابتدأ بالوسطى انتقلَ إلى السَّبَّابة على جهةِ يمينهِ، وكذا الإبهام، والحديثُ ردٌّ على من كرهِ لعقَ الأصابعِ استقذارًا.

فإن قلتَ: من أينَ تؤخذُ المطابقةُ لما ترجم له؟

أُجيب بأنَّ في حديث جابرٍ عند مسلمٍ: «فلا يمسح يدَه بالمنديلِ حتَّى يلعقَ بأصابعه».

وفي حديث جابر أيضًا عند ابنِ أبي شيبة: «إذا طَعِم أحدُكم فلا يمسحْ يده حتَّى يمصَّها»، فلعلَّ المصنِّف أشار بالتَّرجمة لذلك، والله أعلم.

وهذا الحديثُ أخرجهُ مسلمٌ في «الأطعمةِ»، والنَّسائيُّ في «الوليمةِ»، وابن ماجه في «الأطعمةِ».


(١) «عبد الرحيم»: ليست في (د).
(٢) في (د): «في أن».

<<  <  ج: ص:  >  >>