للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

صُورَتِهِ) الَّتي جاء وصفُه بها في حياتهِ، ومقتضاهُ أنَّه إذا رآهُ على خلافهَا كانت رُؤيا تأويلٍ لا حقيقة، والصَّحيح أنَّها حقيقةٌ سواءٌ كان على صفتهِ المعروفةِ أو غيرها. قال ابنُ العربيِّ: رؤيتُه بصفتهِ المعلومةِ إدراكٌ على الحقيقةِ، ورؤيتُه على غيرها إدراكٌ للمثالِ، فإنَّ الصَّواب أنَّ الأنبياءَ لا تغيِّرهم الأرضُ، ويكون إدراكُ الذَّات الكريمةِ حقيقة، وإدراك الصِّفات إدراك المثالِ. قال: وشذَّ بعضُ الصَّالحين فزعمَ أنَّها تقعُ بعيني الرَّأس حقيقة في اليقظةِ. انتهى.

وقد ذكرتُ مباحث ذلك في كتابي «المواهب اللَّدنيَّة بالمنحِ المحمَّديَّة» وقد نُقل عن جماعةٍ من الصُّوفية أنَّهم رأوهُ في المنامِ ثمَّ رأوه بعد ذلك في اليقظةِ، وسألوه عن أشياءَ كانوا منها متخوِّفين، فأرشدَهم إلى طريق تفريجهَا، فجاءَ الأمرُ كذلك، وفيه بحثٌ ذكرتُه في «المواهب».

ومن فوائدِ رؤيتهِ تسكين تشوُّق الرَّائي؛ لكونهِ صادقًا في محبَّته ليعملَ على مشاهدتهِ، وسقط قولهُ: «قال أبو عبد الله … » إلى آخره لأبي ذرٍّ.

٦٩٩٤ - وبه قال: (حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ) العَمِّيُّ -بفتح المهملة وتشديد الميم- أبو الهيثم البصريُّ قال: (حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ مُخْتَارٍ) الدَّبَّاغ البصريُّ مولى حفصة بنت سيرين، قال: (حَدَّثَنَا ثَابِتٌ البُنَانِيُّ) بضم الموحدة (عَنْ أَنَسٍ ) أنَّه (قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ : مَنْ رَآنِي فِي المَنَامِ فَقَدْ رَآنِي) قال الكِرْمانيُّ: فإن قلتَ: الشَّرط والجزاء متَّحدان فما معناه؟ وأجابَ بأنَّه في معنى الإخبار، أي: مَن رآني فأخبرهُ بأنَّ رؤيتَه حقٌّ ليستْ من أضغاثِ الأحلامِ (١). وقال في «شرح المشكاة»: أي: مَن رَآني فقد رَأى حقيقتِي على كَمَالها لا شبهَةَ ولا ارتيابَ (٢) فيما رأى (فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَتَخَيَّلُ (٣) بِي) فإن قيل: كيف يكونُ ذلك وهو في المدينة، والرَّائي في المشرقِ أو المغربِ؟ أُجيب بأنَّ الرُّؤية أمرٌ يخلقُه الله تعالى، ولا يُشترط فيها عقلًا مواجهةٌ، ولا مقابلةٌ، ولا


(١) في (د): «أحلام».
(٢) في (د): «ولا شك».
(٣) في (ع) و (ب) و (د): «يتمثل».

<<  <  ج: ص:  >  >>