للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

اشتمال الأخصِّ على الأعمِّ؛ لكونه تأخيرًا للمطالبة، فلم يفضل ندبٌ (١) واجبًا، وإنَّما فضل واجبٌ -وهو الإنظار الذي تضمَّنه الإبراء وزيادة؛ وهو خصوص الإبراء- واجبًا آخر، وهو مجرد الإنظار، ونازعه ولده التَّاج في «الأشباه والنظائر» في ذلك فقال: وقد يُقال: الإنظار: هو تأخير الطَّلب مع بقاء العلقة، والإبراء: زوال العلقة، فهما قسمان لا يشتمل أحدهما على الآخر، فينبغي أنَّ يقال: إن الإبراء يحصِّل مقصود الإنظار (٢) وزيادة، قال: وهذا كلُّه بتقدير تسليم (٣) أنَّ الإبراء أفضل، وغاية ما استدلَّ به عليه بقوله تعالى: ﴿وَأَن تَصَدَّقُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ﴾ [البقرة: ٢٨٠] وهذا (٤) يحتمل أن يكون افتتاح كلام، فلا يكون دليلًا على أنَّ الإبراء أفضل، ويتطرَّق من هذا إلى أنَّ الإنظار أفضل؛ لشدَّة ما يقاسيه المُنْظِر من ألم الصَّبر (٥) مع تشوُّف القلب، وهذا فضلٌ ليس في الإبراء الذي انقطع فيه اليأس، فحصلت فيه راحةٌ من هذه الحيثيَّة ليست في الإنظار، ومن ثَمَّ قال : «من أنظر معسرًا كان له بكلِّ يومٍ صدقةٌ» رواه أحمد، فانظر كيف وزَّع أجره على الأيَّام، يكثر بكثرتها، ويقلُّ بقلَّتها، ولعلَّ سرَّه ما أبديناه، فالمُنظِر ينال كلَّ يومٍ عوضًا جديدًا، ولا يخفى أنَّ هذا لا يقع بالإبراء، فإنَّ أجره وإن كان وافرًا (٦) لكنَّه ينتهي بنهايته. انتهى.

(١٩) هذا (بابٌ) بالتنوين (إِذَا بَيَّنَ البَيِّعَانِ) بفتح الموحَّدة وتشديد التَّحتانيَّة (٧) المكسورة، أي: إذا


(١) كذا في (م) و (د)، وفي (ص): «نقل»، وفي (ب) و (س): «مندوب».
(٢) زيد في (د ١): «لشدَّة ما يناسبه».
(٣) في (د ١): «كلُّه بتسليم».
(٤) في (د): «وهو».
(٥) في (ص): «الإنظار».
(٦) في (د): «أوفر».
(٧) في (د) و (ص): «التَّحتيَّة».

<<  <  ج: ص:  >  >>