للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

غيرها ممَّا يُعرَف به حكمها دلالةً، وهذه الآية كذلك؛ إذ يُعلَم منها حكم منع العدوِّ بطريق الأَوْلى (١) لأنَّ منع العدوِّ حسِّيُّ لا يتمكَّن معه من المضيِّ؛ بخلافه في المرض إذ يمكن بالمحمل والمركب والخدم، فإذا جاز التَّحلُّل مع هذا فمع ذلك أولى، وفي «نهاية ابن الأثير»: يُقال: أحصره المرضُ أو السُّلطانُ إذا منعه من مقصده، فهو مُحصَرٌ، وحَصَرَه إذا حبسه، فهو محصورٌ، وقال تعالى: ﴿لِلْفُقَرَاء الَّذِينَ أُحصِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ﴾ [البقرة: ٢٧٣] والمراد: منعهم الاشتغال بالجهاد، وهو أمرٌ راجعٌ إلى العدوِّ، أو المراد: أهل الصُّفَّة منعهم تعلُّم القرآن، أو: شدَّة الحاجة والجهد عن الضَّرب في الأرض للتَّكسُّب، وليس هو بالمرض. انتهى. وزاد أبو ذرٍّ عن المُستملي: «قال أبو عبد الله» أي: المؤلِّف على عادته في ذكر تفسير ما يناسب ما هو بصدده «حصورًا» في قوله تعالى في يحيى بن زكريَّا: ﴿وَحَصُورًا﴾ [آل عمران: ٣٩] معناه: «لا يأتي النِّساء»، وهو بمعنى محصورٍ لأنَّه مُنِع ممَّا يكون من الرِّجال، وقد ورد «فعولٌ» بمعنى: «مفعولٍ» كثيرًا، وهذا التَّفسير نقله الطَّبريُّ عن سعيد بن جبيرٍ وعطاءٍ ومجاهدٍ، وليس المراد: أنَّه لا يأتي النِّساء لأنَّه كان هَيُّوبًا لهنَّ أو لا ذَكَرَ له لأنَّ هذه نقيصةٌ لا تليق بالأنبياء ، بل معناه: أنَّه معصومٌ عن الفواحش والقاذورات والملاهي، رُوِي: أنَّه مرَّ في صباه بصبيانٍ فدعوه إلى اللَّعب، فقال: ما للَّعبِ خُلِقت.

(١) هذا (بابٌ) بالتَّنوين (إِذَا أُحْصِرَ المُعْتَمِرُ).

١٨٠٦ - وبالسَّند قال: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ) التِّنِّيسيُّ قال: (أَخْبَرَنَا مَالِكٌ) إمام الأئمَّة (عَنْ نَافِعٍ: أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ حِينَ (٢) خَرَجَ) أي: أراد أن يخرج (إِلَى مَكَّةَ مُعْتَمِرًا فِي الفِتْنَةِ) حين نزل الحجَّاج لقتال ابن الزُّبير، ولا تنافي بين قوله: «معتمرًا» وبين قوله في رواية «المُوطَّأ»: خرج إلى مكَّة يريد الحجَّ فإنَّه خرج أوَّلًا يريد الحجَّ، فلمَّا ذكروا له أمر الفتنة أحرم بالعمرة،


(١) في (د): «أولى».
(٢) «حين»: ليس في (ب).

<<  <  ج: ص:  >  >>