للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَنَتَ رَسُولُ اللهِ شَهْرًا حِينَ قُتِلَ القُرَّاءُ) وكانوا ينزلون الصُّفَّة يتعلَّمون القرآن، وهُمْ (١) عُمَّار المسجد، ولُيوث الملاحم، بعثهم رسول الله إلى أهل نجدٍ؛ ليقرؤوا عليهم القرآن، ويدعوهم إلى الإسلام، فلمَّا نزلوا ببئر معونة قصدهم عامر بن الطُّفيل في أحياء من سليمٍ: رعلٍ وذكوان وعصيَّة، فقاتلوهم، فقتلوا أكثرهم، وذلك في السَّنة الرَّابعة من الهجرة (فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ حَزِنَ حُزْنًا قَطُّ أَشَدَّ مِنْهُ).

(٤١) (باب مَنْ لَمْ يُظْهِرْ حُزْنَهُ عِنْدَ) حلول (المُصِيبَةِ) فترك ما أُبيح له من إظهاره قهرًا للنَّفس بالصَّبر الَّذي هو خيرٌ، قال الله تعالى: ﴿وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرينَ﴾ [النحل: ١٢٦] و «يُظهِر» بضمِّ أوَّله من الرُّباعي، و «حزنَه» نصبٌ على المفعوليَّة (وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ القُرَظِيُّ) حليف الأوس: (الجَزَعُ: القَوْلُ السَّيِّئُ) أي: الَّذي يبعث الحزن غالبًا (وَالظَّنُّ السَّيِّئُ) هو اليأس من تعويض الله المصاب في العاجل ما هو أنفع له من الفائت (٢)، أو الاستبعاد لحصول ما وعد به من الثَّواب على الصَّبر، ومناسبة هذا لما تُرجم له من حيث المقابلة -وهي ذكر الشيء وما يضادُّه معه- وذلك: أنَّ ترك إظهار الحزن من القول الحسن والظَّنِّ الحسن، وإظهاره مع الجزع الَّذي يؤدَّيه إلى ما حظره الشَّارع قولٌ سيِّئٌ وظنٌّ سيِّئٌ (وَقَالَ يَعْقُوبُ : ﴿إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي﴾) هو أصعب همٍّ لا يصبر صاحبه على كتمانه، فيبثُّه وينشره للنَّاس (﴿وَحُزْنِي إِلَى اللّهِ﴾ [يوسف: ٨٦]) لا إلى غيره، ومناسبته للتَّرجمة من جهة أنَّه لما ابتُلِي صبر، ولم يَشْكِ إلى أحدٍ، ولا بثَّ حزنه إلَّا إلى الله (٣) تعالى.


(١) «وهم»: ليس في (ص) و (م).
(٢) في (م): «الغائب».
(٣) في (د): «إلَّا لله».

<<  <  ج: ص:  >  >>