للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(٣٢) (بسم الله الرحمن الرحيم بابُ فَضْلِ لَيْلَةِ القَدَْرِ) بفتح القاف وإسكان الدَّال، سُمِّيت بذلك لعظم قدرها، أي: ذات القدر العظيم لنزول القرآن فيها، ووصفها بأنَّها خيرٌ من ألف شهرٍ، أو لما يحصل لمُحْيِيها بالعبادة من القدر الجسيم، أو لأنَّ الأشياء تُقدَّر فيها وتُقضَى لقوله تعالى: ﴿فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ﴾ [الدخان: ٤] وتقدير الله تعالى سابقٌ، فهي ليلة إظهار الله تعالى ذلك التَّقدير للملائكة، ويجوز فتح الدَّال على أنَّه مصدرٌ: قدر الله الشَّيء قَدْرًا وقَدَرًا لغتان كالنَّهْر والنَّهَر، وقال سهل بن عبد الله: لأنَّ الله تعالى يقدِّر الرَّحمة فيها على عباده المؤمنين، وعن الخليل بن أحمد: لأنَّ الأرض تضيق فيها عن الملائكة من قوله: ﴿وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ﴾ [الطلاق: ٧] وقد سقطت البسملة لغير أبي ذرٍّ (وَقَوْلِ اللهِ تَعَالَى) بالجرِّ عطفًا على سابقه، أي: في بيان تفسير قول الله تعالى، ولأبي ذرٍّ وابن عساكر: «وقال الله تعالى»: (﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ﴾) أي: القرآن (﴿فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ﴾) بإسكان الدَّال من غير خلافٍ بين القُرَّاء، وكان إنزاله فيها جملةً واحدةً من اللَّوح المحفوظ إلى بيت العزَّة من السَّماء الدُّنيا، ثمَّ نزل مُفصَّلًا بحسب الوقائع (﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ﴾) تفخيمٌ وتعظيمٌ بلفظ الاستفهام (﴿لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ﴾) أي: من ألف شهرٍ ليس فيها تلك اللَّيلة، أو العمل (١) في تلك اللَّيلة أفضل من عبادة ألف شهرٍ ليس فيها ليلة القدر، وعند ابن أبي حاتمٍ بسنده إلى مجاهدٍ مرسلًا ورواه البيهقيُّ في «سننه»: «أنَّ النَّبيَّ ذكر رجلًا


(١) في غير (ب) و (س): «والعمل».

<<  <  ج: ص:  >  >>